فإن قلت : إنّ المختار عند المحقّق النائيني هو أنّ العرف مرجع في المفاهيم دون المصاديق قال :
فالتعويل على العرف إنّما يكون في باب المفاهيم ، ولا أثر لنظر العرف في باب المصاديق ، بل نظره إنّما يكون متبعاً في مفهوم «الكرّ» و «الفرسخ» و «الحقّة» ونحو ذلك ؛ وأمّا تطبيق المفهوم على المصداق : فليس بيد العرف ، بل هو يدور مدار الواقع ؛ فإن كان الشيء مصداقاً للمفهوم ينطبق عليه قهراً ، وإن لم يكن مصداقاً له فلا يمكن أن ينطبق عليه.
قلت : انّه (قدسسره) يخطّئ مرجعية العرف المتسامح لا الدقيق ولذلك يقول بعد كلامه المتقدّم : ولو فرض أنّ العرف يتسامح أو يخطئ في التطبيق ، فلا يجوز التعويل على العرف في تطبيق المفهوم على المصداق مع العلم بخطائه أو مسامحته أو مع الشكّ فيه ، بل لا بدّ من العلم بكون الشيء مصداقاً للمفهوم في مقام ترتيب الآثار. (١)
٤. كشف العرف عن مراد الشارع عند الملازمة العادية
إذا كان بين الحكم الشرعي المنطوق والحكم الشرعي الآخر غير المنطوق ملازمة عادية ينتقل العرف من الحكم الأوّل المجعول إلى الحكم الثاني وإن لم يكن ملفوظاً ، وهذا كما إذا دلّ الدليل على طهارة الميت بعد الأغسال الثلاثة فهو يلازم طهارة يد الغسّال ، والخشب الذي أجرى الغسل عليه وسائر الأدوات عند العرف.
ونظير ذلك ما دلّ على طهارة الخمر بانقلابه إلى الخل الملازم للحكم
__________________
(١) فوائد الأُصول : ٥٧٤ / ٤ ، النشر الإسلامي.