عليه رسول الله (صلىاللهعليهوآلهوسلم) بأنّ الأشياء المماثلة المتقاربة لا تتساوى أحكامها.
وثانياً : أنّ القياس عبارة عن استفادة حكم الفرع من حكم الأصل ، بحيث يستمد الفرع حكمه من الأصل ، وليس المقام كذلك ، بل كلاهما على مستوى واحد كغصني شجرة ، أو نهر.
وإن شئت قلت : إنّ المبطل هو الشرب لا مقدّمته (المضمضة) ، كما أنّ المبطل هو الجماع لا مقدّمته (القُبلة) ، فبما أنّ المخاطب كان واقفاً على ذلك الحكم في الشرب ، دون الجماع ، أرشده النبي (صلىاللهعليهوآلهوسلم) إلى تشبيه القُبلة بالمضمضة إقناعاً للمخاطب ، لا استنباطاً للحكم من الأصل.
وكم فرق بين كون المتكلم في مقام استنباط حكم الفرع من الأصل ، وكونه في مقام إرشاد المخاطب إلى حكم الله وإقناعه بالمثال؟ وهذا المورد وما تقدّم من قبيل الثاني دون الأوّل.
٤. حديث الأعرابي
روى البخاري عن أبي هريرة أنّ رسول الله (صلىاللهعليهوآلهوسلم) جاءه أعرابيّ فقال : يا رسول الله إنّ امرأتي ولدت غلاماً أسود (وإني أنكرته) ، فقال رسول الله (صلىاللهعليهوآلهوسلم) : «هل لك من إبل؟» قال : نعم ، قال : «ما ألوانها؟» قال : حمر ، قال : «هل فيها من أورق (١)»؟ قال : نعم ، قال : «فأنّى كان ذلك؟» ، قال : أراه عرق نزع ، قال : «فلعلّ ابنك هذا عرق نزعه (٢)». (٣)
يلاحظ عليه أوّلاً : أنّ الأصل المقرر في الشرع هو أنّ الولد للفراش ، ولمّا كان
__________________
(١) (الأورق : الإبل الأسود غير الحالك ، أي الّذي يميل إلى الغبرة.)
(٢) (نزع : أي رجع إليه.)
(٣) صحيح البخاري : ١٧٣ / ٨ ، كتاب الحدود.