٣. الرجوع إلى العرف في تشخيص المصاديق
قد اتّخذ الشرع مفاهيم كثيرة وجعلها موضوعاً للأحكام ، ولكن ربّما يعرض الإجمال على مصاديقها ويتردّد بين كون الشيء مصداقاً له أو لا.
وهذا كالوطن والصعيد والمفازة والمعدن والحرز في السرقة والأرض الموات إلى غير ذلك من الموضوعات التي ربّما يشك الفقيه في مصاديقها ، فيكون العرف هو المرجع في تطبيقها على موردها.
يقول المحقّق الأردبيلي في حفظ المال المودع : وكذا الحفظ بما جرى الحفظ به عادة ، فإنّ الأُمور المطلقة غير المعيّنة في الشرع يرجع فيها إلى العادة والعرف ، فمع عدم تعيين كيفية الحفظ يجب أن يحفظها على ما يقتضي العرف حفظه ، مثل الوديعة ، بأن يحفظ الدراهم في الصندوق وكذا الثياب ، والدابة في الاصطبل ونحو ذلك ، ثمّ إنّ في بعض هذه الأمثلة تأمّلاً ، إذ الدراهم لا تحفظ دائماً في الصندوق ، ولا الثياب ، وهو ظاهر. (١)
ومع ما للعرف من الدور في فهم الحكم الشرعي وتطبيقه على المصداق ولكن ذلك الدور للعرف الدقيق لا للعرف المتهاون ، وقد كان سيدنا الأُستاذ السيد الخميني (قدسسره) يركّز على ذلك في دروسه الشرعية ، فلو وصف العرف ما يبلغ وزنه تسعمائة وتسعة وتسعين كيلو بكونه طُناً فلا عبرة به ، لأنّه عرف متسامح ، وأمّا العرف الدقيق فيقول : إنّه ينقص من الطن كيلو واحد ، نعم لون الدم وإن كان في العقل الدقيق من أقسام الدم لكنّه عند العرف حتّى الدقيق لونه لا نفسه ، فيوصف بالطهارة لا بالنجاسة.
__________________
(١) مجمع الفائدة والبرهان : ٢٧٩ / ١٠ ٢٨٠.