ويشهد على ذلك ما رواه أبو الجارود ، قال : سألت أبا جعفر (عليهالسلام) في الجبن ، فقلت له : أخبرني مَنْ رأى أنّه يجعل فيه الميتة فقال : «أمن أجل مكان واحد يجعل فيه الميتة ، حرّم في جميع الأرضين».
فخرجنا بالنتيجة (١) التالية : انّ الروايتين المرخِّصتين خارجتان عن محطّ البحث ، وانّ العلم الإجمالي بالتكليف منجّز مطلقاً سواء أكان علماً قطعياً ، أم حاصلاً من إطلاق الدليل ، فتحرم مخالفته القطعية كما تجب موافقته القطعية.
المورد الثاني : حكم الشبهة غير المحصورة
قد عرفت أنّ الشبهة التحريمية الموضوعية تنقسم إلى محصورة وغير محصورة ، وقد عرفت حكم الأُولى ، وإليك الكلام في الثانية ، فيقع الكلام تارة في معيار كون الشبهة غير محصورة وأُخرى في حكمها.
أمّا الأوّل : فقد عُرّفت الشبهة غير المحصورة بتعاريف أفضلها كثرة الوقائع المحتملة للتحريم إلى درجة لا يعتني العقلاء بالعلم الإجمالي الحاصل فيها ، ألا ترى أنّ المولى إذا نهى عبده عن المعاملة مع زيد ، فعامل مع واحد من أهل قرية كثيرة الأهل يعلم وجود زيد فيها لم يكن ملوماً وإن صادف الواقع ، وقد ذكر انّ المعلوم بالإجمال قد يؤثر مع قلّة الاحتمال ، ما لا يؤثّر مع الانتشار وكثرة الاحتمال ، كما إذا نهى المولى عن سبّ زيد وهو تارة مردّد بين اثنين وثلاثة ، وأُخرى بين أهل بلدة ونحوها. (٢)
وأمّا الثاني أي حكمها ، فإنّ عنواني المحصورة وغير المحصورة لم يردا في
__________________
(١) (الوسائل : ١٧ ، الباب ٦١ من أبواب الأطعمة المباحة ، الحديث ٥.)
(٢) الفرائد : ٢٦١.