ولعلّ من هذا القسم قوله سبحانه في سورة الأعراف : (وَسْئَلْهُمْ عَنِ الْقَرْيَةِ الَّتِي كانَتْ حاضِرَةَ الْبَحْرِ إِذْ يَعْدُونَ فِي السَّبْتِ إِذْ تَأْتِيهِمْ حِيتانُهُمْ يَوْمَ سَبْتِهِمْ شُرَّعاً وَيَوْمَ لا يَسْبِتُونَ لا تَأْتِيهِمْ كَذلِكَ نَبْلُوهُمْ بِما كانُوا يَفْسُقُونَ). (١)
فإنّ الغرض من تحريم الاصطياد في السبت هو امتحانهم في أُمور الدنيا ، ولكنّهم توصّلوا بحيلة مبطلة لغرضه سبحانه ، وهي حيازة الحيتان وحبسها عن الخروج إلى البحر يوم السبت ، لغاية الاصطياد يوم الأحد ، فكيف يمكن أن يكون مثل هذا التحيّل أمراً جائزاً؟!
ومنه يعلم أنّ أكثر الحيل المطروحة للمرابين أمر محرّم ، لعدم تعلّق الإرادة الجدّية بصورة المعاملة وإنّما تعلّقت بالنتيجة وهو أخذ الفائض.
الخامس : إذا كانت الحيل سبباً لإضاعة حقّ الآخر ، وذلك مثل منع فضل الماء لغاية حرمان الرعاة عن رعي الكلأ ، ولذلك نهى عنه الرسول كما مرّ.
هذا هو القول الحاسم في العمل بالحيل ، وبذلك خرجنا بالنتائج التالية :
١. إذا كان الشارع هو الذي أرشد إلى الخروج عن المضائق ، كما في تجويز السفر في شهر رمضان للإفطار.
٢. أو أنّه لم يُشِرْ إلى الخروج ، ولكن جعل لأمر واحد طريقين ، حرّم أحدهما وأحلّ الآخر ، فهاتان الصورتان خارجتان عن محطّ البحث.
٣. إذا كان السبب غير مؤثر في حصول النتيجة ، والتوصّل به للوصول إلى الحلال توصّلاً باطلاً لافتراض أنّه غير مؤثر في نظر الشارع ، كالجارية المغصوبة التي يزعم الغاصب موتها كذباً ويكتم حياتها ، ففي مثله لا يكون الخروج عن الغرامة بدفع القيمة مؤثراً في تملك الجارية.
__________________
(١) الأعراف : ١٦٣.