أبو حنيفة ، فأعطيته شيئاً وتحلّلت منه ، وحججت تلك السنة فأخبرت أبا عبد الله (عليهالسلام) بما أفتى به أبو حنيفة فقال : «في مثل هذا القضاء وشبهه تحبس السماء ماءها ، وتمنع الأرض بركتها».
قال : فقلت لأبي عبد الله (عليهالسلام) : فما ترى أنت؟ فقال : «أرى له عليك مثل كراء بغل ذاهباً من الكوفة إلى النيل ، ومثل كراء بغل راكباً من النيل إلى بغداد ، ومثل كراء بغل من بغداد إلى الكوفة توفّيه إياه». (١)
ترى أنّ الإمام (عليهالسلام) رد فتوى أبي حنيفة بسقوط الأُجرة ، لأنّه توصّل بسبب غير مسوّغ ، فإنّ الخراج إنّما يباح إذا كان الضمان بسبب صحيح لا بسبب باطل كالغصب.
الرابع : إذا كانت الوسيلة حلالاً ، ولكن الغاية هي الوصول إلى الحرام على نحو لا تتعلّق إرادته الجدّية إلّا بالمحرّم ، ولو تعلّق بالسبب فإنّما تعلّق بها صورياً لا جدياً ، كما إذا باع ما يسوى عشرة بثمانية نقداً ، ثمّ اشتراه بعد بعشرة نسيئة إلى شهرين ، فمن المعلوم أنّ إرادته الجدية تعلّقت باقتراض ثمانية ودفع عشرة ، وحيث إنّ ظاهره ينطبق على الربا ، فاحتال ببيعين مختلفين مع عدم تعلّق الإرادة الجدية بهما ، فيكون عندها التحيّل أمراً محرّماً.
وما مرّ من كلام الشاطبي ناظر إلى هذا القسم قال : إنّ المشروعات وضعت لتحصيل المصالح ودرء المفاسد ، فإذا خولفت لم يكن في تلك الأفعال التي خولف بها ، جلب مصلحة ولا درء مفسدة «فالمفسدة التي لأجلها حرم الربا موجود في هذا القسم وعلى ضوء ذلك يكون التحيل حراماً إمّا لعدم القصد الجدي في المقام ، أو لعدم درء المفسدة بالتحيل.
__________________
(١) الوسائل : ١٣ ، الباب ١٧ من أبواب كتاب الإجارة ، الحديث ١.