لكنّه غير واجب الدفع غالباً إلّا ما ذكرناه.
فخرجنا بتلك النتيجة : انّ الظنّ الحاصل بالحكم لأجل القياس الذي لم تثبت حجّيته لا يكون ملازماً للظن بالعقوبة ولا يكون داخلاً في قاعدة «لزوم دفع الضرر المظنون».
وأمّا القاعدة الثانية التي زعم الرازي أنّ المقام من مصاديقها وجزئياتها ، فموردها ما إذا قام الدليل على الحكم الكلي ، وعلى وجود الموضوع له ، فعندئذ يجب دفع الضرر بصوره الثلاث :
ألف. تارة يكون الضرر (العقاب) مقطوعاً ، كما إذا علم بأنّ الخمر حرام وانّ هذا المانع خمر.
ب. وأُخرى يكون الضرر مظنوناً ، كما إذا علم بأنّ الخمر حرام ، وعلم أنّ أحد الإناءين خمر ، فشرب أحدهما لا كليهما مظنة للضرر الأُخروي.
ج. وثالثة يكون الضرر (العقاب) مشكوكاً ، كما إذا تردّد الخمر بين أوان عشر ، فشرب أحدها ، يكون محتملاً للضرر.
فالضرر بتمام صوره واجب الدفع للعلم بالكبرى ، أعني : الحكم الكلّي ، والعلم بالموضوع معيناً أو مردّداً بين إناءين أو أوان كثيرة.
فاللازم على الفقيه تنقيح مصاديق القاعدتين حتّى لا يخلط مواردهما ، كما خلط الرازي ومن لفّ لفّه.