هذا كلّه حول الآية الأُولى.
وأمّا الآية الثانية ، أعني قوله : (وَكَذلِكَ جَعَلْناكُمْ أُمَّةً وَسَطاً لِتَكُونُوا شُهَداءَ عَلَى النَّاسِ وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيداً). (١)
يلاحظ على الاستدلال : بأنّ ظاهر الآية انّه سبحانه جعل الأُمّة الإسلامية أُمّة وسطاً ، لأجل تخلّلهم بين الناس والرسول فجعلهم وسطاً.
١. ليكونوا شهداء على الناس من جانب.
٢. ويكون الرسول شهيداً عليهم من جانب آخر.
وعندئذ فمعنى كونهم وسطاً لأجل تخلّلهم بين الرسول والناس.
فالناس هم المشهود عليهم.
والأُمّة الإسلامية هم الشهداء عليهم.
والرسول هو الشهيد على الأُمّة.
هذا هو ظاهر الآية ، وبذلك يعلم معنى الوسطية التي هي تخلّلهم بين الناس والرسول.
وعلى ضوء هذا فيجب أن نقف على معنى كون الأُمّة شهداء على الناس ، فهل يصحّ وصف جميع الأُمّة بذلك ، أو هو وصف لطائفة خاصة ، أعني : الذين وصلوا في طهارة القلب والروح إلى حدّ يشهدون يوم القيامة على الناس؟ ومن المعلوم أنّ مثل هذه الشهادة ليست في وسع الإنسان العادي إلّا رجل يتولّى الله أمره وكشف الغطاء عن بصره وبصيرته ، وأمّا من هم الذين لهم تلك الميزة والمكانة فالآية ساكتة عنه ، وكون المراد منهم عامة الصحابة ، قول بلا دليل ، ولكن الآيات
__________________
(١) البقرة : ١٤٣.