كما أنّ اختلاف سيرة علي مع عثمان ، بل مع الجميع واضح لمن استقرأ التاريخ ، فكيف يمكن للنبي أن يتعبّدنا بالعمل بالمتناقضات؟!
وأمّا الحديث الثاني ، أعني قوله : «تفترق أُمّتي على ثلاث وسبعين فرقة كلّها في النار إلّا واحدة» فيكفي في نكارة الحديث :
أوّلاً : أنّ هذه الزيادة (ما أنا عليه وأصحابي) غير موجودة في بعض نصوص الرواية ، ولا يصحّ أن يقال انّ الراوي ترك نقلها مع عدم الأهمية.
وثانياً : أنّ المعيار الوحيد للهلاك والنجاة هو شخص النبي (صلىاللهعليهوآلهوسلم) وأمّا أصحابه فلا يمكن أن يكونوا معياراً للهداية والنجاة إلّا بقدر اهتدائهم واقتدائهم برسول الله (صلىاللهعليهوآلهوسلم) ، وإلّا فلو تخلّفوا عنه قليلاً أو كثيراً فلا يكون الاقتداء بهم موجباً للنجاة.
وعلى ذلك فعطف «أصحابي» على النبي (صلىاللهعليهوآلهوسلم) لا يخلو من غرابة!!
وثالثاً : أنّ المراد إمّا صحابته كلّهم ، أو الأكثرية الساحقة.
فالأوّل : مفروض العدم ، لاختلاف الصحابة في مسالكهم ومشاربهم السياسية والدينية بعد رسول الله (صلىاللهعليهوآلهوسلم) ، وأدلّ دليل على ذلك ما وقع من الخلاف في السقيفة وبعدها في كثير من الأحكام والموضوعات.
والثاني : ممّا لا يلتزم به أهل السنّة ، فإنّ الأكثرية الساحقة من الصحابة خالفوا الخليفة الثالث ، وقد قتله المصريون والكوفيون على مرأى ومسمع من بقية الصحابة ، الذين كانوا بين مؤلِّب ، أو مهاجم ، أو ساكت.
وأمّا الحديث الثالث ، أعني قوله : «أصحابي مثل الملح لا يصلح الطعام إلّا به».
قال معلق كتاب «الموافقات» : رواه ابن قيّم الجوزية في «اعلام الموقعين»