وكأنّ هذه الأحاديث تفسر قوله سبحانه : (وَما مُحَمَّدٌ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ أَفَإِنْ ماتَ أَوْ قُتِلَ انْقَلَبْتُمْ عَلى أَعْقابِكُمْ وَمَنْ يَنْقَلِبْ عَلى عَقِبَيْهِ فَلَنْ يَضُرَّ اللهَ شَيْئاً وَسَيَجْزِي اللهُ الشَّاكِرِينَ). (١)
ولا يصحّ حملها على الأعراب المرتدّة لمكان قوله (صلىاللهعليهوآلهوسلم) : «أعرفهم ويعرفوني».
وأمّا الحديث الخامس ، أعني : «أصحابي كالنجوم بأيّهم اقتديتم اهتديتم» فيكفي في ضعفه ما قاله ابن حزم في حقّه حيث قال : حديث موضوع مكذوب باطل ، وقال أحمد : حديث لا يصحّ ، وقال البزاز : لا يصحّ هذا الكلام عن النبي (صلىاللهعليهوآلهوسلم). (٢)
وقد نقل الشارح الحديدي عن النقيب أبي جعفر يحيى بن محمد العلوي البصري أنّه قال : إنّ هذا الحديث : «أصحابي كالنجوم» من موضوعات متعصّبة الأموية ، فإنّ لهم من ينصرهم بلسانه وبوضعه الأحاديث إذا عجز عن نصرهم بالسيف. (٣)
الدليل الثالث : أنّ جمهور العلماء قدموا الصحابة عند ترجيح الأقاويل.
فقد جعل طائفة قول أبي بكر وعمر حجّة ودليلاً.
وبعضهم عدّ قول الخلفاء الأربعة دليلاً.
وبعضهم يعدّ قول الصحابة على الإطلاق حجّة ودليلاً. ولكلّ قول من هذه الأقوال متعلّق من السنّة.
وهذه الآراء وإن ترجّح عند العلماء خلافها ففيها تقوية تضاف إلى
__________________
(١) (آل عمران : ١٤٤.)
(٢) (لاحظ تعليقة الموافقات : ٥٦ / ٤.)
(٣) الشرح الحديدي : ٢٩ / ٢٠ ، اقرأ نقد أبي جعفر النقيب ، كلام الجويني ، ص ١٢ ٣٠.