جدا.
نعم الجواز الفعلي أي ثبوت الإطلاقين بالفعل يتوقف على وجود المندوحة ، إذ بدونها يدخل مورد الاجتماع في باب التزاحم على القول بالجواز لعدم قدرة المكلف حينئذ على ان يصلي ولا يغصب ، فتجري فيه قواعد التزاحم ، وان لم يكن من باب التعارض لكون التركيب انضماميا.
ثم انّه على تقدير وجود المندوحة والقول بجواز الاجتماع ، هل يكون مورد اجتماع الحكمين داخلا في باب التزاحم أيضا أم لا؟ هذه المسألة مبتنية على ما تقدم في مقدمات بحث الترتب من انّ المحقق الثاني قدسسره ذهب إلى انّ اعتبار القدرة في متعلق الخطاب انما هو بحكم العقل ، وعليه فإذا كان فرد من افراد الطبيعي مقدورا للمكلف يصح تعلق التكليف به ، فانّ الطبيعي مقدور بالقدرة على بعض افراده فمع وجود المندوحة لا يكون التكليفان تكليفا بما لا يطاق.
وذكر المحقق النائيني انّ اعتبار القدرة انما هو من مقتضيات نفس التكليف ، فانّ إمكان البعث يستدعي إمكان الانبعاث ، وعليه فلا محالة يتعلق التكليف بالافراد المقدورة من الطبيعي دون غيرها ، ففي مورد الاجتماع لا بدّ وان لا يكون أحد الخطابين موجودا لعدم القدرة على امتثالهما ، فيكون داخلا في بحث التزاحم ، ولا بدّ من تقديم الأقوى. وعلى هذا بنى قدسسره بعد ذهابه إلى جواز الاجتماع ما أفتى به المشهور من بطلان الوضوء من الإناء المغصوب في صورة العلم بالغصب ولو مع وجود الماء المباح في إناء مباح وادعى انّ بطلان الوضوء في ذلك انما هو من جهة التزاحم لا اجتماع الأمر والنهي.
والحاصل : انه لو لم يكن في البين مندوحة يكون مورد اجتماع الأمر والنهي بناء على الجواز وعدم السراية داخلا في باب التزاحم ، لعدم قدرة المكلف على امتثال كلا التكليفين ، فيتقدم أقواهما وهو النهي لكون إطلاقه استيعابيا بخلاف