المحذور.
وبعبارة أخرى : لو كان التقييد أو التخصيص بدليل لفظي كما لو قال «أكرم العلماء ولا تكرم فساقهم» فلا محالة يكشف ذلك عن عدم تعلق الأمر بافراد المخصص من الأول ، فلو أكرم المكلف عالما فاسقا ، ولو جهلا بفسقه لم يمتثل أصلا ، ولم يأت بفرد المأمور به.
وهكذا الحال لو كان بين الدليلين المتعارضين عموم من وجه وقدم جانب النهي كما لو قال : «أكرم العلماء ولا تكرم الفساق» فانه بعد تقديم النهي يختص الأمر بإكرام العالم غير الفاسق ، فلا يفرق الحال فيه بين صورة العلم والجهل العذري.
وامّا فيما نحن فيه فتقييد إطلاق الأمر ليس بدليل لفظي بل بحكم العقل ، فانه بعد ما تعلق الأمر بالطبيعي كالصلاة يكون المكلف مخيرا في تطبيقه على أيّ فرد شاء من افراده ، وهذا الترخيص في التطبيق لا يجتمع مع النهي الفعلي المنجز عن بعض افراد الطبيعي ، لأنهما متضادان ، فلو قدم جانب النهي يختص الأمر بغير مورده ، واما في فرض العذر وعدم تنجز الحرمة لعدم وصولها فحيث انّ الترخيص الظاهري ثابت ولذا يباح الدخول في ملك الغير مع الجهل ظاهرا ، فلا مانع من بقاء الترخيص في التطبيق وان كان النهي الواقعي ثابتا في مورده. وهذا الوجه أحسن من الوجه السابق.
وفيه : انه متين في المتزاحمين كالصلاة والإزالة ، ولذا لو يكن المكلف عالما بتنجس المسجد تصح صلاته ، ولو لم نقل بالترتب ، وذلك لأنّ الأمر بالإزالة انما يكون معجزا عن الصلاة في فرض وصوله وتنجزه ، ومع عدم تنجز الأهم فالامر بالمهم باق على حاله ولا يتم في باب التعارض كما فيما نحن فيه أصلا ، بداهة : انّ التنافي بين المتعارضين انما هو في مقام الجعل لا الامتثال ، فيستحيل بقاء الأمر على إطلاقه مع ثبوت الحرمة لبعض الافراد واقعا من غير فرق بين العلم بها وعدمه ،