إذا تعدد موضوع الحكمين واتحد متعلقهما ، كما لو قال «أكرم عالما» و «لا تكرم فاسقا» فانّ متعلق الأمر والنهي طبيعة واحدة وهي طبيعي الإكرام ، والاختلاف انما هو في الموضوع وعلّية الفسق والعدالة بينهما تعليلية لم يتوهم أحد دخول ذلك في باب اجتماع الأمر والنهي ، بل أجروا الفقهاء في مثل ذلك قواعد باب التعارض. وهذا بخلاف ما إذا كان تغاير العنوانين من قبيل الاختلاف في المبدأين كعنوان العلم والعدالة مثلا ، فانّ ذلك يستلزم تعدد المعنون ، ولذا يستحيل حمل أحدهما على الآخر ، لأنّ كلا منهما غيره خارجا ، ومن هذا القبيل عنوان الصلاة وعنوان الغصب ، فانّ تغايرهما من قبيل تغاير المبدأين ، فكل منهما موجود بوجود مستقل حتى في المجمع.
والشاهد على ذلك ما تراه من انّ الصلاة قد تتحقق في ضمن غير الغصب ، وهو قد يتحقق في ضمن غير الصلاة ، وكل من العنوانين جامع لما يوجد في المجمع وغيره ، فهما ماهيتان فكيف يعقل ان يوجد بوجود واحد ، فالصلاة في الدار المغصوبة وجودان : وجود الغصب ووجود الصلاة ، وان لم يمكن تمييز كل منهما عن الآخر ولم يمكن الإشارة الحسية إليه ، إلّا انّ البرهان قد ساقنا إلى ذلك وعلى هذا الأساس بنى قدسسره جواز اجتماع الأمر والنهي.
وحاصل ما ذكره : انّ العناوين تارة تكون من العناوين الاشتقاقية ، كعنوان العالم والفاسق ، وتعددها لا يستلزم تعدد المعنون ، لأنّ الحيثية فيها تعليلية ، فصدق العالم مثلا معلول لقيام مبدئه وهو العلم بالذات ، وصدق الفاسق عليه معلول لقيام مبدئه وهو الفسخ بها ، فالذات الواحدة معنونة بالعنوانين بعلّتين ، ولذا في مثل ذلك يستحيل اجتماع الأمر والنهي ، ومن ثم لم يتوهمه فيه أحد ، كما في المثال المتقدم.
وأخرى : يكون العنوانان من قبيل المبادئ ، كعنوان العلم والعدالة ، فحيث انهما ماهيتان يستحيل اتحادهما في الوجود بان يكون وجود واحد مصداقا لهما ،