فتارة : يكون متعلق كل من الأمر والنهي ماهية متأصلة ، كما لو امر المولى عبده بالقيام ونهاه عن التكلم فأوجدهما معا.
وأخرى : يكون المتعلقان كلاهما امرا انتزاعيا ، كما لو امره بإكرام العالم ونهاه عن إكرام الفاسق ، فانّ الإكرام امر منتزع من القيام والسلام ونحوه ، فأكرمهما بقيام واحد.
وثالثة : يكون متعلق الأمر أو النهي متأصلا ومتعلق الآخر انتزاعيا ، كما لو أمره بالقيام ونهاه عن إكرام الفاسق ، فقام وأكرم به فاسقا أو العكس ، فالأقسام أربعة.
امّا في القسم الأول : أعني ما إذا كان متعلق كل من الأمر والنهي ماهية متأصلة ، فبما انّ لكل ماهية وجود مستقل مغاير لوجود الماهية الأخرى إذا كانتا عرضيتين ، ويستحيل ان يوجد بوجود واحد ، فهناك ماهيتان ووجودان ، غاية الأمر انضم أحدهما بالآخر ، فيجوز اجتماع الأمر والنهي فيهما مطلقا.
وإمّا القسم الثاني : فلا بدّ فيه من التفصيل ، فان كان منشأ انتزاع الأمرين الانتزاعيين موجود واحد كما لو أكرم العالم وأكرم الفاسق بقيام واحد امتنع الاجتماع ، لأنّ الفعل الواحد يستحيل ان يكون مأمورا به ومنهيا عنه ، وامّا لو كان لكل منهما منشأ انتزاع مستقل مغاير لمنشإ انتزاع الآخر كما لو فرضنا انه أكرم العالم بالقيام والفاسق بالسلام مثلا دفعة واحدة ، فيجوز اجتماع الأمر والنهي فيهما.
وامّا القسم الثالث : فكذلك يفصل فيه بين ما إذا كان منشأ انتزاع الأمر الانتزاعي الّذي تعلق به الأمر أو النهي عين الأمر المتأصل الّذي تعلق به الأمر أو النهي فيمتنع الاجتماع ، وما إذا كان غيره فيجوز الاجتماع ، مثلا لو امر المولى بالقيام ونهى عن إكرام الفاسق أو العكس ، فأتى بهما المكلف دفعة واحدة ، فان كان إكرامه للفاسق بنفس القيام امتنع الاجتماع ، لأنّ نفس القيام مصداق للمنهي عنه ومبغوض