وقد ذكر قدسسره في تفصيل ذلك ما حاصله : انّ الحكمين إذا كانا طوليين يثبت الوجوب عند ارتفاع الحرمة ، وان كانا عرضيين فلا.
بيانه : انا ان قلنا : بأنّ عدم كل من الضدين مقدمة لوجود الضد الآخر فعدم الحرمة مقدمة لوجود الوجوب ، فالنهي انما يدل على انتفاء الوجوب في مورد الاجتماع لأجل انتفاء مقدمته طولا ، فإذا سقط النهي لعذر ونحوه فلا محالة يثبت الوجوب بتحقق علّته. وامّا لو فرضنا انّ النهي في عرض دلالته على الحرمة مطابقة بالالتزام يدل على نفي الوجوب ، فسقوط مدلوله المطابقي لعذر من اضطرار ونحوه لا يستدعي سقوط مدلوله الالتزامي ، فهو باق على حاله.
وبعبارة أخرى : ان كانت دلالة النهي على انتفاء الوجوب عن مورده في طول دلالته على ثبوت الحرمة من جهة كون عدم الضد مقدمة لوجود الضد الآخر فسقوط الحرمة في مورد المعارضة يوجب شمول إطلاق دليل الوجوب وثبوته فيه ، وامّا ان كانت دلالة النهي على انتفاء الوجوب عن مورد في عرض دلالته على ثبوت الحرمة فيه ، غاية الأمر بالالتزام ، فسقوط المدلول المطابقي لا يقتضي عود الوجوب.
وفيه : انّ طولية الحكمين ومقدمية عدم كل ضد لوجود ضده غير صحيحة على ما عرفت الكلام فيه في بحث الضد ، وانّ عدم الضد أعني الحرمة ثبوتا لا يقتضي ثبوت الوجوب إلّا انّ سقوط الحرمة يوجب ثبوت الوجوب إثباتا.
وبيان ذلك : انه لو ورد عام كقولك : «أكرم العلماء» ثم ورد مخصص بقولك : «لا تكرم فساقهم» فمدلوله المطابقي هو حرمة إكرام العالم الفاسق ، كما انّ مدلوله الالتزامي عدم شمول عموم دليل الأمر لتلك الحصة ، فانّ ثبوت الحرمة لفرد لا يجتمع مع كونه مصداقا للمأمور فيما إذا كان الأمر متعلقا بالطبيعي بنحو صرف الوجود ، ولا مع كونه بنفسه مأمورا به فيما إذا فرضنا تعلق الأمر بالطبيعة بنحو