مقدمة لواجب أهم ، كما لو فرضنا انه بسوء اختياره مشى إلى الصحراء بحيث اضطر إلى أكل لحم الحيوان غير المأكول ، فانه حينئذ يكون واجبا لكونه مقدمة لحفظ النّفس الواجب شرعا ، فهل يجري فيه ما ذكرناه ، أو يتصف حينئذ بالوجوب الغيري؟
فنقول : امّا بناء على ما هو الصحيح من عدم وجوب مقدمة الواجب فلا يفرق بين هذا الفرض والفرض السابق.
وامّا بناء على وجوبها من جهة الملازمة العقلية بين وجوب ذي المقدمة ووجوب مقدمته فلا بدّ من الالتزام بمقالة الفصول من كونه متمحضا في الوجوب الغيري ، ويجري عليه العقاب للنهي السابق الساقط بسوء الاختيار ، فحينئذ لا بدّ من التكلم في امرين :
أحدهما : وجه اتصافه بالوجوب الغيري.
ثانيهما : عدم جريان ما قدمناه من الإيراد على الفصول من انّ تعلق الأمر بشيء في زمان مع تعلق النهي به في زمان آخر مستحيل بالنسبة إلى الآمر الحكيم الملتفت.
امّا الأول : أعني لزوم اتصاف المقدمة المحرمة بالوجوب ، فلأنّ وجوب مقدمة الواجب على القول به انما هو من باب الملازمة بين وجوب ذي المقدمة ووجوب مقدمته ، ومن الواضح انّ التفكيك بين المتلازمين مستحيل ، فلا وجه لما في الكفاية من انّ وجوب المقدمة انما يكون فيما إذا لم تكن محرمة ، فانّ هذا الوجوب ليس وجوبا تحت اختيار المولى ليختص بمورد دون مورد ، بل لا بدّ له من إيجاب المقدمة بعد ما أوجب ذيها للملازمة ، فكيف يعقل التفكيك؟!
وامّا الثاني : فلأنّ النهي عن شيء والأمر به وان كان ممتنعا ولو كان في زمانين إلّا انّ ذلك يتم في الحرمة والوجوب النفسيّ ، لأنّ المصلحة فيه انما هو المتعلق ، فلا