وثالثة : ينهى عن التسبب إلى النار بذاك الخشب من دون ان يكون نفس التصرف في الخشب أو إيجاد النار بغيره مبغوضا.
وهكذا الكلام في الأسباب الاعتبارية ، فانه ربما يتعلق النهي بإيجاد ذات السبب كما لو أنشأ البيع في أثناء الصلاة ، فانّ نفس الإنشاء واللفظ حينئذ يكون مبغوضا للمولى لكونه موجبا لفساد الصلاة. وقد يتعلق النهي بالمسبب أعني المبادلة دون اللفظ كالبيع وقت النداء ، فانّ إيجاد اللفظ حينئذ لا يكون مبغوضا وانما المبغوض هو المبادلة. وقد يتعلق النهي بالتسبب كالمراهنة بغير الآلات المعدة للقمار كما لو تراهنا بالمصارعة أو الحظ أو نحو ذلك ، فانّ نفس تملك المال ليس مبغوضا كما انّ مجرد المصارعة من دون المراهنة لا يكون منهيا عنه ، وانما المحرم التسبب بذلك إلى المراهنة ، وهذا واضح.
والمحقق النائيني قدسسره فصّل في دلالة النهي على الفساد بين ما إذا تعلق بالمسبب فيدل على الفساد دون ما إذا تعلق بالتسبب أو بالسبب. وذكر في بيان ذلك مقدمة وهي : انّ صحة المعاملة كالبيع متقوم بأمور (١) :
الأول : ان يكون البائع مالكا لإيجاد ذلك العقد بان يكون البائع مالكا للمبيع أو مأذونا ، وهكذا المشتري بالقياس إلى الثمن.
الثاني : ان لا يكون ممنوعا من التصرف فيه بحجر أو رهن أو نحو ذلك.
الثالث : أن يكون إيجاد تلك المعاملة بما جعله الشارع سببا لها لا بغيره ، مثلا إذا اعتبر الشارع في الطلاق لفظ «هي طالق» فإيجاده بلفظ «أنت خلية أو برية» ممنوع.
وبالجملة إذا انتفى أحد هذه الأمور تبطل المعاملة لا محالة. وعلى هذا فإذا
__________________
(١) أجود التقريرات ـ المجلد الأول ـ ص ٤٠٤.