وعلى أي حال تارة : يكون بين الشرطين ملازمة خارجا لا يتحقق أحدهما بدون الآخر ، بل يكونان عنوانين لأمر واحد ، نظير عنوان بريدين وثمانية فراسخ ومسيرة يوم وبياض يوم المأخوذ شرطا في وجوب القصر ، فانّ المراد من مجموعها شيء واحد ، ولا بأس بأن نعبر عن ذلك بالتساوي.
ونقول : تارة : يكون الشرطان متساويين لكن في الصدق ، وهذا الفرض خارج عن محل الكلام ، لأنه من قبيل اتحاد الشرط.
وأخرى : يكون أحد الشرطين أخص مطلقا من الآخر بمعنى انّ أحدهما أقل ويتحقق قبل الآخر ، كما لو حدد المسافة المعتبرة في القصر في رواية بميل وفي أخرى بميلين ، وقال في أحدهما «إذا سرت ميلا فقصر» وفي الآخر «إذا سرت ميلين فقصر» وفي هذا الفرض يقع المعارضة بينهما لا محالة ، فانّ مقتضى التحديد بالأقل عدم اعتبار الزائد فيه ، فلا بدّ من علاج التعارض إلّا إذا كانا معرفين للآخر أو كان أحدهما معرفا للآخر نظير ما ذكر في تحديد الكر بالأشبار من انه معرف للوزن وقيل ذلك في خفاء الجدران والأذان مطلقا. فانّ الظاهر ان خفاء الجدران جعل معرفا لخفاء الأذان ، حيث انّ النّظر غالبا لا يصادف أوقات الأذان والميزان في خفاء الأذان انما هو بالبلد المتعارف والمؤذن المتعارف والمحل المتعارف والهواء المتعارف وغير ذلك مما يوجب اختلافا فيه ، فانّ عدم سماع الأذان يختلف باختلاف قوة سامعة المسافر وصوت المؤذن ومكان الأذان من حيث كونه في آخر البلد أو وسطه وهكذا ، وحيث انّ ذلك غير مضبوط ويعسر إحرازه للمسافر غالبا جعل خفاء الجدران الّذي هو امر ميسور معرفا لذلك ، فلا يضر اختلافه في المقدار مع خفاء الأذان.
وهذا الفرض أيضا مطلقا غير داخل فيما بينه ، فما مثل به في الكفاية لمحل البحث بهما غير خال عن المسامحة ، إذ لا تجري فيه الوجوه المذكورة لرفع التنافي كما