وفيه : انّ المفهوم انما هو دلالة التزامية ثابتة بحكم العقل مستفادة من انحصار العلّة ، المستفاد من إطلاق الحكم وتعليقه على الشرط من دون ذكر عدل له ، نظير دلالة الأمر بالشيء على وجوب مقدمته من باب الملازمة ، ومع بقاء المنطوق على إطلاقه يستحيل تقييد المفهوم لأنه تخصيص في حكم العقل ، وهو مستحيل كاستحالة تخصيص وجوب مقدمة الواجب بمورد دون مورد.
ثالثها : ان يقيد إطلاق كل من القضيتين بالآخر بالواو ، فيكون الشرط حينئذ مركبا منهما ، فإذا تحققا معا يتحقق الجزاء ، وإذا انتفى أحدهما ينتفي الجزاء.
ورابعها : ان يقيد إطلاق كل من الشرطين بالآخر بأو ، فيكون الشرط أحدهما على البدل ، فإذا انتفيا معا ينتفي الجزاء.
خامسها : ما ذكره في الكفاية واستدل عليه ببرهان عقلي ، وهو كون الشرط هو الجامع بينهما ، لأنّ الواحد لا يصدر إلّا عن الواحد ، فتأثير كل منهما في تحقق الجزاء يقتضي ان يكون المؤثر امرا واحدا وهو الجامع بينهما (١).
وفيه : على فرض تسليم البرهان وانّ الواحد لا يصدر منه إلّا الواحد ولا يصدر إلّا من الواحد انّ ذلك لا يجري فيما يرجع إلى الأحكام الشرعية التي ذكرنا مرارا انّ بابه أجنبي عن باب التأثير والتأثر ، وانما هي معرفات.
هذا مضافا إلى انّ ذلك انما يتم فيما إذا قلنا : بأنّ كلا من الشرطين شرط على البدل ، وامّا إذا قلنا : بأنّ مجموعهما شرط فلا مجال حينئذ لهذا البرهان والقول بأنّ الشرط هو الجامع أصلا.
فهذه الوجوه كلها فاسدة سوى الوجهين المتوسطين ، أعني تقييد كل من الشرطين بالآخر بأو أو بالواو ، ولا بدّ من اختيار أحدهما.
__________________
(١) كفاية الأصول ـ المجلد الأول ـ ص ٣١٣ ـ ٣١٤.