إثباتا أيضا ، وعليه فان كان الكلام المشتمل عليها ظاهرا في رجوعها إلى الموضوع أو المتعلق كما في قوله تعالى (فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرافِقِ)(١) فانّ ظاهره تحديد اليد التي تطلق على تمام اليد إلى المنكب وعلى المرفق فما دون وعلى الزند فما دونه بالمرفق لا تحديد الحكم ، فلا يثبت له مفهوم.
وإلّا فان كان الحكم مستفادا من الهيئة ومدلولا لمعنى حرفي لا يثبت له مفهوم أيضا ، وذلك لأنّ كل قيد مأخوذ في الكلام سواء كان وصفا اصطلاحيا أو ظرفا أو غاية أو غير ذلك التي يعبر عنها بالملابسات يرجع إلى المتعلق ، أعني العقل بحسب ظاهر اللفظ ، مثلا لو قال «صل في المسجد» فظاهره تقيد الصلاة بذلك لا الوجوب ، وكذا لو قال «صم إلى الليل» فيحدد الطبيعي أولا ثم يعلق به الحكم ، فلا يثبت حينئذ للكلام مفهوم ، بداهة انه لو اعترف أحد بأنّ الأرض الفلانية إلى المحل الكذائي ملك لزيد لا يستفاد منه انّ ما بعده ليس ملكا له ، وكذا لو قال المولى «الجلوس إلى الزوال واجب» لا يستفاد منه عدم وجوبه بعده.
واما ان كان الحكم مستفادا من معنى اسمي ، فان لم يكن متعلق الحكم مذكورا في الكلام كما لو قال «الخمر حرام إلى ان يضطر إليه» فبما انّ الخمر غير قابل لأن يقيد بتلك الغاية يدور الأمر بين ان تكون الغاية قيدا للمتعلق المقدر أعني الشرب ، وبين رجوعها إلى الحكم ، وحيث انّ الأول خلاف الأصل لأنه مبنى على الإضمار والتقدير يتعين الثاني ، فتكون راجعة إلى الحكم فيثبت المفهوم.
وان كان المتعلق مذكورا فلا بدّ من ملاحظة القرائن الخاصة الثابتة في الكلام ، فان دلت على رجوع الغاية إلى الحكم يثبت للكلام مفهوم ، كما انه إذا دلت على رجوعها إلى المتعلق أو إلى الموضوع لا يثبت له المفهوم ، وان لم يكن في البين قرينة
__________________
(١) المائدة ـ ٦.