لكل من لفظ «كل» و «الجمع المحلى باللام والنكرة الواقعة في سياق النفي أو النهي» وذكر ما حاصله : انّ لفظ «كل» وان كان موضوعا لسراية الحكم إلى جميع أفراد مدخوله إلّا انه قد يكون المدخول وسيعا ، كما لو قال «أطعم كل حيوان» وقد يكون ضيقا كما لو قال : «أكرم كل إنسان» فسعة دائرة المدخول وكثرة أفراده أو ضيقه وقلة أفراده أجنبي عن لفظ «كل» فإذا قال «أكرم كل عالم» واحتملنا انه أراد منه خصوص الفقيه وأطلق عليه العالم من باب إطلاق المطلق على بعض أفراده ، ونصب عليه قرينة خفيت علينا ، فلفظ «كل» لا يدفع ذلك ، بل لا بدّ فيه من الرجوع إلى قرائن خاصة أو عامة ، وهي مقدمات الحكمة.
وامّا المحلى باللام فكلمة «لام» لا تفيد العموم ، كما انّ مجرد الجمع أيضا لا يفيده ، بل العموم مستفاد من ورود مجموع تلك الهيئة على الطبيعي ، وإطلاقه لا بدّ وان يستكشف من إجراء مقدمات الحكمة في المادة. وامّا النكرة في سياق النفي أو النهي فانعدام الطبيعي وان كان بعدم جميع أفراده عقلا إلّا انّ كون متعلقه هو مطلق الطبيعي دون المقيد لا بدّ وان يستفاد من الإطلاق ومقدمات الحكمة.
هذا ونقول : ما أفاده في النكرة في سياق النفي أو النهي متين جدا ، فانّ لفظة «لا» انما تدل على انّ متعلقها مورد لزجر المولى أو لنفيه ، وامّا كون المتعلق مطلق الطبيعي أو الحصة الخاصة منه فهو أجنبي عن الهيئة كما في الإيجاب ، فلا فرق بين القضية الموجبة والسالبة من هذه الجهة ، فكما انّ شمول الحل في قوله تعالى (أَحَلَّ اللهُ الْبَيْعَ)(١) لجميع أفراده مبني على إجراء مقدمات الحكمة في المتعلق ، كذلك في قولك «لا تكرم فاسقا» إطلاق الفاسق وعدم تقيده بقيد لا بدّ وان يدفع بتلك المقدمات ، والهيئة لا دلالة فيها إلّا على الزجر عن ما أريد من المتعلق ، فالشمول في ذلك لجميع
__________________
(١) البقرة ـ ٢٧٥.