جهة احتمال غفلته واشتباهه ونحوه ذلك ، وهذا أيضا يدفع بأصالة عدم الغفلة ، وهذا هو معنى حجية البينة.
وثالثة : يقطع باشتباه البينة فيما أخبرت به بالإضافة إلى بعض مدلوله ، فهل تكون تلك البينة حجة في الباقي ، أو تسقط عن الحجية رأسا على ما بيناه في بحث الواجب المشروط من تبعية الدلالة الالتزامية للدلالة المطابقية؟
الظاهر هو التفصيل بين ما إذا كان اخبار البينة من قبيل العام الاستغراقي الّذي يكون لبّا منحلا إلى إخبارات عديدة ودلالات عديدة ، بل في الحقيقة يكون الجمع في اللفظ والتعبير للاختصار ، وما إذا كان من قبيل العام المجموعي الّذي ليس إلّا اخبارا واحدا ، فنلتزم بحجية البينة في الباقي على الأول دون الثاني. والسر في ذلك ما ظهر مما بيناه من انحلال الأول إلى إخبارات ، نظير ما لو أخبرت بأنّ جميع الكتب الموجودة في الدار ملكا لزيد ، فانه منحل إلى انّ هذا الكتاب له وذاك أيضا له وهكذا من دون ان يكون بينها انضمام وتوقف ، فإذا علمنا بكذب الخبر بالإضافة إلى بعضها المعيّن لا ينافي ذلك صدقه بالإضافة إلى الباقي لعدم ارتباط بينها ، وهذا نظير ما ذكرناه من انّ رفع اليد عن حجية العام في بعض افراده بحجة أخرى لا ينافي بقاء حجيته بالقياس إلى الباقي.
وهذا بخلاف ما لو كان اخباره من قبيل العام المجموعي ، كما لو أخبر العادل بوجوب صلاة أربع ركعات فإذا علمنا بعدم وجوب الركعة الرابعة من الخارج لا يمكننا العمل بالخبر في الثلاث الباقية ، لأنه لم يكن إلّا اخبار واحد لفظا ولبا ، فإذا كان كذبا لا يمكن ان يتصف بالصدق أصلا بل يسقط رأسا.