انّ العين كانت هبة مجانية أو انّ الخبز أباحه له المالك فأكله وادعى المالك انه غصبها عدوانا ، ففي هذا الفرض يمكن التمسك باستصحاب عدم الرضا وعدم ثبوت الإجازة المالكية.
الثاني : ان يكون الاستيلاء بإجازة الشارع كما في مجهول المالك أو مال الغائب أو اللقطة ، مثلا ادعى صاحب اليد انّ العين ضاعت منه وانه أخذها لأن يردها إليه والمالك ادعى انه سرقها منه ، وفي هذا الفرض أيضا يجري استصحاب عدم إجازة الشارع واذنه.
الثالث : ان يكون اختلافهم في التسليط المجاني وعدمه ، بان اتفقا على كون استيلائه على المال كان بإذن المالك وإجازته ولكن اختلفا فادعى المالك انه باعه إياه وادعى صاحب اليد انه وهبه له مجانا ، فانّ التسليط المجاني مما يوجب زوال احترام المال وعدم الضمان ، أو ادعى صاحب اليد انه أباح له التصرف فيه مجانا وادعى المالك انه كان قرضا عنده الّذي حقيقته نقل العين إلى الذّمّة ، وفي أمثال هذه الفروض لا مجال لما ذكره قدسسره من استصحاب عدم الاذن والرضا ، بل لا بدّ فيها من التمسك باستصحاب العدم الأزلي الّذي صححناه في محله ، فانّ التسليط المجاني مسبوق بالعدم الأزلي فيستصحب ، ويترتب عليه عدم الضمان ، لأنه متقوم بعدم كون التسليط مجانيا من دون حاجة إلى التمسك بعموم «على اليد» ليتوهم اختصاصه بالاستيلاء على ملك الغير لا ملك نفسه وان كان الشيخ قدسسره في المكاسب أجاب عن مثل هذه الشبهة في التمسك بقوله تعالى (وَلا تَأْكُلُوا أَمْوالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْباطِلِ)(١) ولا يكون استصحاب عدم التسليط المجاني معارضا باستصحاب طرفه كالبيع ونحوه ، إذ لا يترتب على استصحاب عدم البيع ثبوت الضمان إلّا على القول بالأصل المثبت.
__________________
(١) البقرة ـ ١٨٨.