وحاصل الكلام في المقام انّ شيخنا الأنصاري قدسسره ذهب إلى جواز التمسك بالعامّ في الشبهة المصداقية فيما إذا كان المخصص لبيا ، ولا يقاس ذلك بالمخصص اللفظي ، وذلك لأنّ فيه يكون هناك حجتان ، ونسبة الفرد المشتبه إلى كل منهما نسبة واحدة ، ولا ترجيح في البين ، وهذا بخلاف المقام فانّ المخصص اللبي انما هو بمنزلة القطع الخارجي ، فلا يرفع اليد عن العام الّذي كان حجة في الفرد المشتبه.
وقد فصل الميرزا قدسسره بما يظهر الجواب عنه بما نبينه من المختار. وليعلم انّ هذه المسألة مما يتفرع عليها ثمر فرعي لكثرة تخصيص العام بالإجماع والسيرة ونحوهما من الدليل اللبي وان لم يكن تخصيص العمومات بحكم العقل كثيرا.
فنقول : تارة يكون العام المخصص بالدليل اللبي من قبيل القضايا الحقيقية ، كما هو الغالب فيما هو محل ابتلائنا من الأحكام الفرعية ، وأخرى ، يكون من قبيل القضايا الخارجية.
اما ما كان من قبيل الأول ، فلا فرق فيه بين المخصص اللفظي والمخصص اللبي أصلا ، وذلك لأنه بعد ما قطعنا بخروج فرد عن عموم العام وحكم به العقل فبما انّ حكم العقل لا يكون جزافا ، فلا بدّ وان نفتش عن أوصاف الفرد الخارج لنرى ما هو السبب والملاك في خروجه ، فان تمكنا من تعيينه فلا محالة يكون المراد الجدي من العام ما لم يكن فيه ذاك الوصف سواء كان وجوديا أو عدميا كما في المخصص اللفظي ، ومن الواضح عدم شموله للفرد المشتبه ، فلا يمكن التمسك فيه بالعموم. وان لم نتمكن من تعيينه ، فاما ان يتردد بين متباينين فلا محالة إجماله يسري إلى العام على ما عرفت في المخصص اللفظي ، فيكون العام مجملا ، واما يكون مرددا بين الأقل والأكثر كما لو فرضنا انا أحرزنا كون وصف شرب الخمر والنّظر إلى الأجنبية معا مانعا عن وجوب الإكرام لكن احتملنا كفاية كل منهما في المنع عن وجوب الإكرام فنتمسك بالعموم في الزائد على المتيقن كما عرفت في المخصص اللفظي. هذا كله في