فتلخص من جميع ما تقدم انه لو تعذر بعض أجزاء المركب معينا أو مرددا فمقتضى القاعدة سقوط الأمر به ، وإذا ثبت بدليل وجوب الإتيان ببقية أجزائه فهو تكليف حادث جديد ، ولو كان المتعذر مرددا يكون ذلك التكليف الجديد الواحد مرددا. ولذا ذكرنا انه خارج عن باب التزاحم ، فإنّ التزاحم لا بدّ وان يكون بين حكمين ، وفي المقام ليس إلّا حكم واحد مردد ، فيكون من باب التعارض ، إذ لا يعتبر في التعارض ان لا يكون منشأ العلم بكذب أحد الدليلين أو الحكمين عجز المكلف ، كما لا يعتبر فيه تعدد الدليل ، بل يجري التعارض في الدليل الواحد بلحاظ افراده.
وإذا عرفت ذلك فنقول : تارة يكون دليل اعتبار الجزءين المتعذر أحدهما دليلا واحدا ، كما لو تعذر على المصلّي القيام في أحد الركعتين ، فانّ ما دل على اعتباره في جميع الركعات امر واحد ، وأخرى : يكونان مدلولي دليلين ، كما لو دار الأمر بين ترك القيام والإتيان بالسجدتين أو الإتيان بهما إيماء عن قيام ، فانّ لكل من الأمرين دليل مستقل.
أما على الأول فيقع التعارض بين نفس ذلك الدليل الواحد بلحاظ افراده ، وليس السبق واللحوق مرجحا للسابق على اللاحق بعد كون نسبة دليل اعتبار ذلك الجزء أو الشرط إليها على حد سواء ، فلا محالة يثبت التخيير ، إلّا ان يستفاد تقدم السابق من نفس دليل اعتبراه ، كما لا يبعد ذلك في دليل القيام ، أعني قوله عليهالسلام «وإذا قوى فليقم» (١).
واما على الثاني ، فلا محالة يقع التعارض بين الدليلين بالعموم من وجه ، فإنّ مقتضى إطلاق كل منهما ثبوت جزئية مؤداه حتى في فرض تعذر أحدهما ، ومن المعلوم كذب اعتبارهما حينئذ ، وعليه فان كان أحد الدليلين لبيا والآخر لفظيا
__________________
(١) تهذيب الأحكام ٢ ـ ١٦٩.