السياقي يقتضي ان يكون المراد من الضمير عين ما أريد من مرجعه أولا لا غيره ، وهذا الظهور السياقي بمنزلة القرينة بالإضافة إلى المرجع المذكور سابقا ، ولذا نرى انّ هذا الظهور السياقي يتقدم على الوضع وأصالة الحقيقة فضلا عن غيره ، ومن ثم لو قال أحد «رأيت أسدا وعاملت معه» لا يشك أحد في انّ المراد من لفظ الأسد من الأول هو الرّجل الشجاع ، ولا يتمسك فيه بأصالة الحقيقة أصلا إلى غير ذلك من الأمثلة. وعلى هذا إذا جرت أصالة عدم الاستخدام وثبت هذا الظهور القوي نعين به أصل المراد من اللفظ العام ، فتأمل ، وانه أريد به الخاصّ من الأول ، فيرتفع به الشك في المراد.
فظهر انّ أصالة عدم الاستخدام جارية في المقام ، ولأقوائيتها تتقدم على أصالة العموم ، ويحكم في مثل المقام بالتخصيص وانّ المراد الجدي من لفظ العموم كان هو الخاصّ لا العام.
هذا كله في كبرى المسألة.
وامّا الآية المباركة فالظاهر عدم كونها من صغريات هذه الكبرى ، وذلك لأنه ليس في نفس الآية المباركة قرينة لا حالية ولا مقالية على انّ المراد من الضمير في قوله تعالى (وَبُعُولَتُهُنَّ أَحَقُّ بِرَدِّهِنَ)(١) خصوص المطلقات الرجعية ، فلو كنا نحن والآية لحكمنا بأنّ ذلك حكم لجميع المطلقات ، فالمراد من الضمير العموم ، فهو بمنزلة تكرار المطلقات غاية الأمر قد خصص ذلك بمخصص منفصل من الاخبار ، وهو لا يوجب المجازية على ما عرفت ، فالآية الشريفة أجنبية عن الاستخدام بالكلية.
__________________
(١) البقرة ـ ٢٢٨.