الاخبار ، من جملتها قوله عليهالسلام «الماء إذا بلغ قدر كر لا ينجسه شيء» (١) مفهومه إذا لم يبلغ ذلك المقدار ينجسه شيء في الجملة ، وهو أخص من عمومات عدم انفعال الماء كقوله عليهالسلام «خلق الله الماء طهورا لا ينجسه شيء إلّا ما غير طعمه أو ريحه» وفي بعض الاخبار «أو لونه» ولما ذكرناه لم يستشكل ظاهرا أحد من الفقهاء في تقديم المفهوم في هذه الروايات على تلك العمومات والإطلاقات.
وبالجملة : الخاصّ بمدلوله ولو كان معارضا مع العام إلّا انه بحجيته يكون حاكما عليه ، بمعنى انّ جريان أصالة الظهور والحجية الثابتة ببناء العقلاء في الخاصّ يمنع جريانها في العام لحكومتها عليها كما هو الشأن في كل قرينة وذي القرينة.
وبهذا ظهر عدم الفرق بين ما إذا كان المفهوم متصلا بالعامّ أو كان في كلام منفصل إلّا فيما بيناه كما وضح الحال أيضا فيما إذا كان المفهوم بمدلوله حاكما على العام ، كما في مفهوم آية النبإ وهي قوله تعالى : (إِنْ جاءَكُمْ فاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوا أَنْ تُصِيبُوا قَوْماً بِجَهالَةٍ)(٢) بناء على ثبوت المفهوم لها وهو حجية خبر العادل وعدم لزوم التبين عنه ، فانّ في المقام آيات وروايات مانعة عن العمل بغير العلم ، وإطلاقها يعم العمل بخبر العادل إذا لم يفد العلم ، كما انّ التعليل المذكور في الآية وهو قوله «ان لا تصيبوا» ظاهر في عدم جواز العمل إذا كان جهالة ولم يكن عن علم ورشد ، وإطلاقه يعم العمل بخبر العادل فيما لا يفيد العلم ، ولكن المفهوم على فرض ثبوته في نفسه يكون حاكما على الإطلاقين أي معدما ونافيا لموضوعهما الّذي هو أحد أنحاء الحكومة ، فانها لو ثبت للآية مفهوم يكون العمل بقول العادل علما تعبدا وخارجا عن موضوع ما دل على حرمة العمل بغير العلم فيتقدم المفهوم على الإطلاقات بلا شبهة ، وبيان ذلك : انّ العام والمطلق لا يثبت موضوع نفسه وانما هو حكم مجعول
__________________
(١) الاستبصار ـ ج ٢ ـ ص ٦.
(٢) الحجرات ـ ٦.