بأنّ المفهوم مستند إلى الوضع أو إلى الإطلاق ، أو كان مستفادا من الوضع ومقدمات الحكمة معا كما هو المختار ، فانه متوقف على امرين ، أحدهما : رجوع القيد إلى الحكم وهو مستند إلى الوضع ، ثانيهما : عدم العدل للشرط وهو مستفاد من جريان مقدمات الإطلاق ، وذلك لأنّ ترجيح أحد الظهورين على الآخر انما يكون فيما إذا تحققت المعارضة بينهما ، فيتقدم الأقوى منهما ظهورا على غيره.
وامّا إذا لم يكن بينهما تعارض بنظر العرف ، بل كان أحدهما قرينة على الآخر بالفهم العرفي ، فيتقدم القرينة ولو كان ظهورها في نفسه مع قطع النّظر عن كونه قرينة من أدنى الظهورات ومستفادا من الإطلاق على ظهور ذي القرينة ولو كان بالوضع ومن أقوى الظهورات في نفسه ، ومن ثمّ لم يتوهم احتمال تقدم ظهور لفظ الأسد في الحيوان المفترس على ظهور الرمي في رمي النبل في قولك «رأيت أسدا يرمي» بعد ظهور كلمة يرمي في القرينية ، لكونها فضلة في الكلام.
وفيما نحن فيه بما انّ المفهوم على الفرض يكون خاصا ، لا محالة يكون قرينة على العام عرفا ، والشاهد على ذلك انه لو صرح بوجوب إكرام العالم مطلقا وقال : «يجب إكرام العالم أيّ عالم كان» ثم قال «لا تكرم زيد العالم» ووقعت المعارضة بين الحكمين بالعموم المطلق فيتقدم الثاني على الأول مع صراحته في الوجوب لعدم كونه بصيغة الأمر وكون الخاصّ ظاهرا في الحرمة ، إذ يحتمل حمل النهي فيه على بيان الفرد المرجوح ، ولا يتوهم عاقل من أهل العرف خلاف ذلك ، وعليه فيتقدم المفهوم فيما نحن فيه على تقدير تحققه وثبوته ولو كان في أدنى مراتب الحجية على العام ولو كان أقوى ظهورا في العموم ، فإذا كانا في كلام واحد لا ينعقد للعام ظهور أصلا ، وإذا كانا في كلامين لا يستقر له ظهور تصديقي على ما مر الكلام فيه.
ولهذا البحث ثمر مهم في الفقه لكثرة موارد المعارضة بين المفهوم والعموم في