وبعبارة أخرى : امتناع اجتماع الضدين كاجتماع النقيضين ذاتي ، فلا يعقل ان يكون ممتنعا بالغير لعدم تحقق علّته من عدم المقتضى أو الشرط أو وجود المانع ، ومن الواضح انّ امتناع الجمع بين الإنقاذين انما هو من جهة عدم تحقق الشرط ، وهو قدرة المكلف ، وليس امتناعا ذاتيا ، فالمنشأ للتزاحم في هذا القسم أيضا ليس إلّا عدم قدرة المكلف اتفاقا ، غاية الأمر في القسم الأول كان عدم القدرة في الجمع بين الواجبين طولا ، وفي هذا القسم في الجمع بينهما عرضا أو طولا وعرضا.
القسم الثالث : ان يكون منشأ التزاحم توقف الواجب على مقدمة محرمة اتفاقا لا دائما ، فإنّه لو كان توقفه عليه دائميا لخرجا عن باب التزاحم ودخلا في المتعارضين ، للعلم بعدم جعل أحدهما حينئذ ، كما لو توقف إنقاذ الغريق على الدخول في الأرض المغصوبة اتفاقا ، فإنّ المكلف حينئذ لا يقدر على امتثال كلا الحكمين.
القسم الرابع : موارد التلازم الاتفاقي فيما إذا كان أحدهما محكوما بالوجوب والآخر محكوما بالحرمة ، كاستقبال القبلة واستدبار الجدي ، فانه لا تلازم بينهما في أنفسهما ، بل التلازم انما يتفق لمن سكن العراق وما سامته من النقاط ، واما إذا كان التلازم دائميا فلا محالة يقع التعارض بين الدليلين.
القسم الخامس : أن يكون منشأ التزاحم اجتماع الأمر والنهي في مورد واحد بناء على إمكانه ، وامّا بناء على امتناعه اما لكون مورد الاجتماع طبيعة واحدة وامّا لسراية كل من التكليفين إلى متعلق الآخر ولو كان طبيعتين فهو خارج عن باب التزاحم.
وفيه : انه لو كان في البين مندوحة بان كان المكلف متمكنا من الصلاة في غير الأرض المغصوبة فهو خارج عن باب التزاحم كلية ، لتمكن المكلف من امتثال كل من الأمر بالصلاة والنهي عن الغصب ، وان لم يكن هناك مندوحة فالتزاحم وان