ولا يبعد أن يكون ذلك لعدم تمكنه صلىاللهعليهوآلهوسلم من البيان أو لمانع آخر. ومن الواضح انّ الأئمّة عليهمالسلام لم يتمكنوا من بيان الأحكام إلّا في عصر الصادقين ، فحصل لهم فرجة لبثّ الأحكام الإلهية ، فبينوا جملة من المخصصات وقد بقي مقدار منها محفوظا عند امام العصر (عجل الله فرجه) على ما في بعض الاخبار.
وبالجملة فتأخير البيان لغرض أو لمانع لا قبح فيه ، فلا مانع من الالتزام بالتخصيص في الفرض ، كما لا مانع من الالتزام بالنسخ أيضا في نفسه لو لا الكثرة التي يبعد الالتزام بها ، فيتعين التخصيص. هذا كله فيما إذا ورد الخاصّ بعد العام بقسميه.
وامّا إذا انعكس الأمر ، وورد العام بعد ورود الخاصّ ، فهو أيضا على قسمين : لأنّ العام تارة : يكون واردا قبل حضور وقت العمل بالخاص فيتعين التخصيص لاستلزام النسخ لغوية الخاصّ ، وأخرى : يكون العام واردا بعد حضور وقت العمل بالخاص ، فيدور الأمر بين كون الخاصّ المتقدم مخصصا للعام فيكون العمل على طبق الخاصّ ، وكون العام ناسخا للخاص فيكون العمل على طبق العام.
وقد ذكر في الكفاية لترجيح التخصيص ما حاصله : انّ التخصيص أكثر وأغلب ، والظن يلحق الشيء بالأغلب.
وفيه : انّ الأغلبية لا توجب قوة الظهور ، وانما يوجب الظن وهو لا يغني من الحق شيئا. والميزان في تقديم أحد الظاهرين على الآخر انما هو أقوائية الظهور. هذا مضافا إلى انّ ظهور الخاصّ في الاستمرار غالبا يكون بالإطلاق ، وظهور العام في العموم الأفرادي غالبا يكون بالوضع ، ولو كان بمقدمات الحكمة أيضا يكون أقوى كما هو ظاهر.
بل ذكر المحقق النائيني قدسسره في بحث دوران الأمر بين التمسك بعموم العام واستصحاب حكم المخصص انّ دليل جعل الحكم لا يمكن ان يتكفل لبيان استمراره