مثلا قال «أكرم عالما» فهو في قوة التصريح بقول «أكرم أي عالم» فيثبت إطلاق المراد الجدي ببناء العقلاء على مطابقة الإرادتين. فالمراد من كون المتكلم في مقام البيان امر وسط بين الأمرين ، وهو كونه في مقام بيان مراده الاستعمالي أي تفهيم اللفظ.
هذا ويترتب على ما ذكرناه امران.
الأول : انّ المقيد المنفصل لا يكشف عن كون المتكلم في مقام الإهمال ، لأنّ التقييد انما يكشف عن تقيد المراد الجدي دون المراد الاستعمالي كما بيناه في المخصص المنفصل ، وهو لا ينافي إطلاق المراد الاستعمالي ، ومن هنا قلنا : انّ تخصيص العام لا يوجب مجازيته.
الثاني : انّ العثور على مقيد انما يوجب رفع اليد عن الإطلاق بمقدار ما عثرنا عليه من المقيد ، وامّا في الزائد عليه فالإطلاق محكم وهو واضح.
المقدمة الثالثة : ان لا ينصب قرينة على التقييد لا متصلا لأنه يمنع عن تحقق الظهور في الإطلاق ، ولا منفصلا لأنّ القرينة المنفصلة وان لم تكن مانعة عن انعقاد الظهور في الإطلاق إلّا انها تمنع حجيتها ، فلا يترتب على المطلق حينئذ الثمر المرغوب منه ، وهو كشف إطلاق المراد الجدي.
فإذا تمت هذه المقدمات الثلاث ، أي كان المولى متمكنا من التقييد ، وكان في مقام البيان ولم ينصب قرينة على التقييد لا متصلة ولا منفصلة ، وكان المتكلم حكيما ينعقد لكلامه الظهور في الإطلاق ، وينكشف بذلك ببناء العقلاء انّ مراده الواقعي أيضا مطلق ، إذ لو كان مراده في الواقع مقيدا وفعل ذلك لكان مخالفا لطريقة العرف والعقلاء ومحاوراتهم ، والحكيم لا يفعل ذلك. فلا نحتاج بعد هذه المقدمات إلى ضم ما ذكره في الكفاية من انّ المخالفة تكون نقضا للغرض ، ولا إلى غير ذلك أصلا ، بل يكفي مجرد المقدمات الثلاثة في الإنتاج.
واما اعتبار عدم وجود القدر المتيقن في التمسك بالإطلاق فتوضيح الكلام