فيه : انّ المراد من المتيقن ان لا يحتمل ثبوت الحكم لبعض الافراد أو الأصناف وعدم ثبوته لفرد أو لصنف خاص وان كان العكس بمعنى أولوية ثبوت الحكم لبعض الافراد بالإضافة إلى البعض الآخر. والمتيقن تارة : يكون متيقنا من الخارج من مناسبة الحكم والموضوع ونحوها ، ويعبر عنه بالمتيقن الخارجي ، وأخرى : يكون متيقنا من نفس الكلام وخصوصياته ، ويعبر عنه بالمتيقن في مقام التخاطب.
امّا القسم الأول : فكما لو قال المتكلم «أكرم عالما» فانّ العالم العادل هو المتيقن في ثبوت وجوب الإكرام له ، فانه لا يحتمل من مناسبة الحكم والموضوع ان يكون العالم الفاسق واجب الإكرام ولا يكون العالم العادل كذلك ، ويحتمل العكس ، ومن الواضح انه لا يضر بصحة التمسك بالإطلاق ، ولم يتوهمه أحد وإلّا لم يمكن التمسك بالإطلاق أصلا في أيّ مورد لوجود المتيقن بهذا المعنى في جميع الموارد.
وامّا القسم الثاني : فيتحقق بأمور ، منها : المورد أو مورد السؤال ، فانه كثيرا ما يكون السؤال مقيدا ويجب المتكلم بجواب مطلق يعم مورد السؤال ، وهو كثير في الاخبار ، مثلا يسأل عن حكم دم الرعاف في الصلاة ، فيجيب الإمام بنفي البأس عن الدم إذا كان أقل من الدرهم ، فانّ شمول الجواب لمورد السؤال ودخوله تحت الجواب متيقن في مقام التخاطب بحيث يفهمه المخاطب من نفس الجواب ، إذ يقبح على المتكلم ان يجيب عن السؤال بما لا يعمه لغير غرض وضرورة من تقية ونحوها.
وربما توهم انّ وجود المتيقن في مقام التخاطب يمنع عن الإطلاق.
وفيه : ما لا يخفى ، فانّ المعيار انما هو بالجواب ، ومورد السؤال انما هو من صغرياته ، وليس تيقنه إلّا لذلك لا لاختصاص الحكم به ، والفهم العرفي شاهد عليه ، ومن ثم قالوا : في العام انّ المورد لا يكون مخصصا.
ونقول في المقام : انه لا يكون مقيدا وإلّا لما أمكن التمسك بأغلب الاخبار الواردة في شرائط الصلاة وموانعها ، فانها مسبوقة بالسؤال ، وصاحب الكفاية قدسسره