ظاهرا فيما قصد المتكلم تفهيمه إلّا انه بحكم المجمل.
وكل من المبين والمجمل بجميع اقسامه من الصفات الواقعية للفظ ، فاللفظ امّا يكون مبينا ظاهر المعنى ، وامّا يكون مجملا ، والعلم يكون طريقا إليه. فلا وجه لما ذكره في الكفاية (١) من انّ المجمل والمبين من الأمور الإضافية ، فربما يكون اللفظ مجملا عند شخص ومبينا عند آخر ، فانّ اللفظ إذا كان في نفسه مبينا عند أهل العرف لا يصير مجملا بسبب عدم علم الجاهل بمعناه وإلّا لكان القرآن مجملا بالإضافة إلى العجمي غير العارف باللغة العربية ، وهكذا كليات سعدي مع فصاحتها كانت مجملة بالإضافة إلى العربي غير العارف باللغة الفارسية. فالإجمال والتبين امران واقعيان صفتان للفظ ، والعلم طريق إليهما فتأمل.
وعليه فيمكن إقامة البرهان على كل منهما بالرجوع إلى العرف العارف بمعاني الألفاظ وظواهرها ، ولا وجه لما أفيد في الكفاية (٢) متفرعا على ما سبق من انهما من الوجدانيات فلا يمكن إقامة البرهان عليهما.
ثم انّ الألفاظ المجملة كثيرة.
منها : بعض المفردات ، كلفظ الصعيد ولفظ الكعب وأمثال ذلك.
ومنها : الهيئات ك (لا) النافي للجنس مثل «لا صلاة إلّا بطهور» فانها مجملة من حيث ظهورها في نفس الجنس فقط أو نفي الصحة أو الكمال.
ومنها : الأحكام المتعلقة بالأعيان كقوله «الخمر حرام» فانه يدور المحرم حينئذ بين ان يكون جميع آثارها ، أو خصوص الظاهرة منها إلى غير ذلك من الموارد ، وليس محل البحث عنها علم الأصول ، فمهما لم يثبت لها ظهور لا بدّ من
__________________
(١) كفاية الأصول ـ المجلد الأول ـ ص ٣٩٨.
(٢) كفاية الأصول ـ المجلد الأول ـ ص ٣٩٨.