وفيه : ما لا يخفى ، فانّ المقام أجنبي عن الترتب ، بل داخل في عنوان الواجد والفاقد، ففي ما إذا أفرغ من الماء بمقدار تمام وضوئه يدخل تحت عنوان الواجد فيجب عليه الوضوء ، واما لو لم يتمكن إلّا من الاغتراف تدريجا فهو غير متمكن من الماء ، فلا يؤمر بالوضوء أصلا ، فتأمل إلّا ان لا يكون اغترافه منه استعمالا للإناء.
وقد ذكر الميرزا انّ الوضوء في هذا الفرض صحيح فيما لو كان الماء ملكا للمتوضئ وغصبه غاصب وجعله في إناء الذهب ، فانّ تخليص ماله حينئذ جائز له بقوله «الناس مسلطون على أموالهم» فيجوز تخليصه ولو تدريجا ، فلا مانع من التوضي.
وفيه : ما لا يخفى ، فانّ قوله «الناس مسلطون» لا يحل الحرام كما هو ظاهر. نعم في غير الماء مما له مالية عرفية ربما يقال : بارتفاع حرمة استعمال الإناء في مثل ذلك لحديث لا ضرر ، كما لو فرضنا انّ أحدا غصب دهن غيره فجعله في إناء الذهب أو الفضة فانّ عدم جواز تخليصه حينئذ يكون ضررا عليه ، فتأمل.
ثم انه قد ذكرنا انّ التزاحم بين الحكمين ينقسم إلى أقسام ثلاثة ، لأنّ منشأه تارة يكون التضاد الاتفاقي وعجز المكلف الخاصّ عن امتثال كلا الحكمين كما في إنقاذ الغريقين ، وأخرى : يكون توقف الواجب على محرم وانحصار مقدمته بالحرام ، وثالثة : يكون اجتماع الأمر والنهي ، وإلى هنا كان كلامنا في القسم الأول ، وسيأتي البحث في القسمين الآخرين.
وقد عرفت انّ التزاحم في الواجبين العرضيين يندفع بالترتب ، فلا وجه حينئذ لرفع اليد عن أصل أحد الخطابين بعد ارتفاع التزاحم برفع اليد عن إطلاقه على ما عرفت.
واما في الخطابين الطوليين كما لو دار امر المكلف بين صوم أحد يومين ولم