الفروة مثلا ليس واحدا شخصيا ، بل واحد بالنوع وهو الإدفاء مثلا ، فلا مانع من ان يؤثر كل من الأمرين في فرد من الغرض من دون ان يكون بين الأمرين جامع أصلا.
وثانيا : لو سلمنا ذلك فهذه التدقيقات انما تفيد في الأمور الفلسفية ، واما الأحكام الشرعية فلا بدّ وان تترتب على أمور يفهمها العرف ، والجامع بين الواجبات التخييرية المستكشف من وحدة الغرض ليس كذلك ، فلا معنى لإيجابه ، إذ الغرض من إيجاب الشيء انما هو انبعاث المكلف نحوه ، فإذا لم يمكن الانبعاث لعدم إمكان معرفته لا يكون إيجابه صحيحا.
والقول بأنّ النبي وأوصياءه عليهمالسلام يبينون لنا ذلك ببيان مصاديقه سخيف جدا ، إذا الأفراد على هذا لا تكون واجبة ، فالقول بوجوبها تشريع محرم ، فكيف يبين الإمام عليهالسلام وجوب ما ليس بواجب دون ما هو واجب؟!
واما الشق الثاني من كلامه فيرد عليه :
أولا : انّ التضاد بين الغرضين والملاكين مع تمكن المكلف من الإتيان بالفعلين فرض ملحق بأنياب الأغوال (١) إذ لا وجه لعدم تمكن المكلف من استيفاء الملاكين بعد تمكنه من الإتيان بالفعلين.
وثانيا : لو سلمنا ذلك ، فهل يكون التضاد بين الغرضين في خصوص ما إذا أراد المكلف استيفائهما طولا ، بمعنى استحالة استيفاء الغرض الثاني إذا استوفى الغرض الأول وانّ التضاد بينهما ثابت حتى عرضا؟ وعلى الأول أي إذا أمكن استيفاء الملاكين دفعة واحدة لا وجه لتفويت المولى على المكلف أحد الملاكين ، بل لا بدّ له من إيجاب كلا الفعلين دفعيا ، وعلى الثاني إذا فرضنا انّ المكلف أتى بفردين
__________________
(١) أغوال جمع غول وهو : كل ما أخذ الإنسان من حيث لا يدري فأهلكه وتزعم العرب انه نوع من الشياطين تظهر للناس في الفلاة ـ المعجم الوسيط ٢ : ٦٦٧.