الأحكام سلباً وإيجاباً ، مضافاً إلى أنّ لكل فرد في المجتمع ميولاً ومصالح معينة ، ولا يمكنه أن يُبعد نفسه تماماً عن تلك المصالح أثناء سنّ القوانين ، والله تبارك وتعالى وحده العالم بكل شيء والغني عن عباده.
يقول «البرسوئي» في تفسيره روح البيان ، في تبيين معنى «الجاهلية» : «وهو كل ما لا يستند إلى الوحي والكتاب السماوي» (١).
ونقرأ في تفسير «في ظلال القرآن» (٢).
ونقل في تفسير «مجمع البيان» عن بعض المفسرين المتقدمين قولهم :
«إنّ هذا النوع من التمييز والإزدواجية المطبّقة أيضاً في عصرنا هذا ، والقوانين الّتي تطبق على الضعفاء فقط سواء داخل الدول أو في العلاقات الدولية أيضاً ، والتي غالباً ما يستثنى منها الأقوياء ، دليل بارز على وجود المجتمعات الجاهلية!».
والملفت للنظر أن الكثير من الآيات الآنفة الذكر والتي صرّحت باختصاص حق التقنين والتشريع بالله تعالى موجودة في سورة المائدة ، والمعلوم لدينا أن سورة المائدة وكما هو معروف هي آخر سورة ، أو من أواخر السور التي نزلت على الرسول الأكرم صلىاللهعليهوآله ، إذ إنّ الكثير من المسائل الإسلامية الهامة ومنها المسائل المتعلقة بالحكومة التي تعدّ من أركان الإسلام المهمّة وردت في هذه السورة ، وتمّ التأكيد في آيات عدّة من هذه السورة المباركة ، على أن «الحكم» و «الأمر» و «تشريع القوانين» مختصٌ بالله تعالى ، وهذه التأكيدات المتكررة في هذه السورة ذات مغزى عميق.
* * *
وتتحدث الآية الثامنة عن الإيمان والتسليم المطلق أمام حكم الله ورسوله صلىاللهعليهوآله إذ تقول : (إِنَّما كَانَ قَولَ الْمُؤْمِنِينَ إِذَا دُعُوا إِلَى اللهِ وَرَسُولِهِ لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ أَن يَقُولُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا وَأُولئِكَ هُمُ المُفلِحُونَ).
__________________
(١) تفسير روح البيان ، ج ٢ ، ص ٤١٠.
(٢) في ظلال القرآن ، ج ٢ ، ص ٧٥١.