المجتمعات الإنسانية على الدوام.
ينقل «ابن مسعود» في حديثٍ عن النّبي الأكرم صلىاللهعليهوآله ، أنّ النّبي صلىاللهعليهوآله خطَّ خطاً مستقيماً ، ثم قال (١) : «هذا سبيل الرشد ، ثم خط عن يمينه وعن شماله خطوطاً ثم قال : هذه سبل على كل سبيل منها شيطان يدعو إليه؟ ثم تلا هذه الآية «وأنّ هذا صراطي مستقيماً فاتبعوه».
* * *
وفي الآية العاشرة والأخيرة ، وبالرغم من عدم تصريحها بإختصاص سنّ القوانين بالله تعالى ، إلّاأنّها تنطوي على تعبير معين يستفاد منه بشكل جيد عدم وجود أي مصدر للتشريع غير الله تعالى ، إذ تقول الآية المباركة : (الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِى وَرَضِيتُ لَكُمُ الإِسْلامَ دِيناً).
ونعلم أن «الدين» بمعناه الحقيقي يشمل جميع شؤون الحياة البشرية ، وبالنظر إلى أنّ الإسلام هو خاتم الأديان السماوية ، وسيبقى قائماً حتى قيام الساعة ، فإنّ مفهوم هذه الآية يعني أنّ جميع ما يحتاجه الإنسان من حيث القوانين قد أخذه الإسلام بنظر الاعتبار حتى قيام الساعة ، وبناءً على ذلك لا يبقى أيّ مجال لقوانين أخرى.
وتجدر الإشارة إلى أن بعض هذه القوانين خاصّة وجزئية ، والبعض الآخر عامّة وكليّة ، وواجب علماء الدين والمشرّعين الإسلاميين ، القيام بتطبيق تلك الكليات على مصاديقها ، واستنباط القوانين والضوابط اللازمة منها.
* * *
وقد تمّ التأكيد مراراً على هذا المعنى في الروايات الإسلامية أيضاً ، وللإمام علي عليهالسلام خطبة مؤثرة ومفصلة في ذمّ الذين يسمحون لأنفسهم بتشريع القوانين في المحيط الإسلامي معتبرين ذلك اجتهاداً ، إذ يقول عليهالسلام في جانب من هذه الخطبة : «أَمْ أَنْزَلَ اللهُ سُبحَانَهُ دِيناً
__________________
(١) تفسير الكبير ، ج ١٤ ، ص ٣.