الجواب :
إنّ الأحكام الكليّة في التشريع تختلف عن الأحكام التنفيذية للحاكم ، فالأحكام الكليّة هي نفس القوانين الثابتة والمستمرة التي تبقى قائمة في كل عصر ومكان إلى يوم القيامة ، إلّا أنّ الأحكام الصادرة عن الحاكم الشرعي هي الّتي تصدر بسبب الأمور الضرورية وأمثالها وبشكل مؤقت (مثل حكم تحريم التنباكو الذي صدر في فترة محدّدة لغرض محاربة الاستعمار الاقتصادي الإنجليزي من قبل مرجع كبير ثم رفع بعد انتهاء الخطر).
ويستفاد من القرائن الواردة في رواية الإمام الجواد عليهالسلام وبشكل واضح ، أنّه عليهالسلام لما جاء إلى بغداد كان الشيعة يعانون الفاقة والضنك ، وقد أقرّ الإمام تعدد الخمس في تلك السنة لغرض حل هذه المشكلة بشكل خاص ، والواقع أنّه عليهالسلام طبّق أحكام العناوين الثانوية والضرورية على إحدى مصاديقها ، بدون أن يمثل ذلك تشريعاً جديداً.
ويمكن أن يكون حكم الزكاة الوارد في رواية الإمام أمير المؤمنين عليهالسلام من هذا النوع أيضاً ، ولذا فإنّ هذا الحكم محدود بذلك الزمان فقط ، ولم ينظر إليه الفقهاء كتشريع عام ولم يصدروا فتاواهم طبقاً لتلك الفتوى ، (فتأمل).
٦ ـ ممّا ورد في البند الخامس يتضح لنا أنّ غير الأئمّة المعصومين عليهمالسلام لا أحد يملك حق تشريع القوانين الكلية الإلهيّة بطريق أولى ، لأنّه باختتام النبوة وارتحال النّبيّ صلىاللهعليهوآله وإكمال الدين وإتمام النعمة ، لم يبق مجال لتشريع الآخرين من جهة ، وأنّ جميع الأحكام الإلهيّة الكلية الّتي يحتاجها الإنسان إلى يوم القيامة تمّ تبيينها طبقاً للكثير من الآيات القرآنية والروايات الواردة بذلك الشأن ، ومن جهة أخرى فإنّ غيرهم من الناس ليسوا معصومين وغير مؤيدين بروح القدس لكي يثبت لهم مثل هذا الحق ، خاصة وقد اعتبرت الروايات السابقة هذا المعنى شرطاً للحاكمية على التشريع.
٧ ـ لابدّ من الإلتفات إلى أن البعض من روايات التفويض ، لم تنظر إلى مسألة تشريع الأحكام ، بل تناولت تسليمهم أمر الحكومة والولاية ، أو تسليمهم بيت المال.
٨ ـ تعتقد طائفة من علماء السنة بتفويض تشريع الأحكام إلى الفقهاء في ما لا نصّ فيه ،