فيه ، فمسؤولية الفقهاء تقتصر على تطبيق الأحكام الكليّة على مصاديقها فقط.
ويتضح لنا ممّا تقدم ذكره أن «التشريع» في المجالس التشريعية لا يعني في عُرف مذهب أهل البيت عليهمالسلام وضع أحكام جديدة بشأن المسائل التي يواجهها الإنسان ، بل المراد به تطبيق الأصول على الفروع أو تشخيص الموضوعات المختلفة بمعنى التشريع الموضوعي.
وخلاصة القول : إنّ مجالس التشريع في مذهب الشيعة ، ليست بمعنى وضع الأحكام الكليّة ازاء أحكام الإسلام ، أو بدل ما لا نصّ فيه ، والمسألة هي من قبيل تطبيق الأحكام ، أو التشريع الموضوعي ، ولهذا السبب وُضع «مجلس صيانة الدستور» إلى جانب المجلس التشريعي ، لكي يُشرف عليه جمعٌ من الفقهاء ويتأكدوا من أنّ القوانين الموضوعة غير مخالفة لأحكام الإسلام.
وحتى مجلس «تشخيص المصلحة» الذي أُقرّ مؤخراً في الدستور ، هو الآخر مسؤول عن تشخيص الموضوع أيضاً ، وليس جعل القانون.
وبعبارة أوضح : إنّ أحد العناوين الثانوية هو عنوان الأهم والمهم ، يعني متى ما تعارضت مسألتان شرعيتان مع بعضهما ، كما هو الحال مثلاً في المحافظة على أموال الناس وعدم التصرّف بها إلّابإذن صاحبها مع مسألة الحاجة الملحّة لفتح شارع في المدينة أو طريق في الصحراء ، فمن جهة تعتبر مسألة المحافظة على النظام في المجتمع الإسلامي واجبة ، ولا يمكن أن يتحقق ذلك إلّابشق الطرق الضروريّة ، ومن جهة أخرى فإنّ المحافظة على أموال النّاس أمرٌ واجب ، ففي هذه الحالات يجب تقديم الأهم على المهم ، وأن تُمنح الإجازة بفتح هذه الطرق ، مع دفع الأضرار والخسائر الناجمة عن ذلك إلى مالكي تلك الأراضي.
وكذلك الحال فيما يتعلق بمسألة وضع الأسعار على المواد المختلفة ، فالقانون الإسلامي أساساً ، يقول بحرية الأسعار والتسعيرة ، ولكن في الحالات التي تصبح فيها هذه الحرية سبباً لاستغلال الانتهازيين والجشعين الذين يجعلون المجتمع في وضع حرج بحيث تتوقف معها مسألة المحافظة على النظام الاقتصادي في المجتمع على تحديد