وابن عباس ـ رضي الله عنه ـ لما (١) روي عن النبي صلىاللهعليهوسلم في ذلك ، وظاهر القرآن يدل على أن ذلك هو الحق ؛ لأن الله ـ تعالى ـ قد فصل في غير هذا الموضع بين التزويج وملك اليمين ، فجعل ملك اليمين الإماء ؛ ألا ترى إلى قوله : (إِلَّا عَلى أَزْواجِهِمْ أَوْ ما مَلَكَتْ أَيْمانُهُمْ) [المؤمنون : ٦] [و] قال : (لا يَحِلُّ لَكَ النِّساءُ مِنْ بَعْدُ وَلا أَنْ تَبَدَّلَ بِهِنَّ مِنْ أَزْواجٍ) [الأحزاب : ٥٢] فهاتان (٢) الآيتان تدلان على أن قول الله ـ سبحانه وتعالى ـ في آية المحصنات : (إِلَّا ما مَلَكَتْ أَيْمانُكُمْ) على غير الأزواج ، كما روي عن الجماعة من الصحابة ـ رضوان الله عليهم أجمعين ـ الذين ذكرناهم ، ثم الكلام بين على وابن مسعود ـ رضي الله عنهما ـ ونحن نعلم أن ابن مسعود ـ رضي الله عنه ـ أوجب على الأمة إذا باعها مولاها ولها زوج ـ العدة ؛ إذا كان قد دخل بها ، وأنها عنده لا تحل لمولاها حتى تنقضى عدتها ، فلم يجعلها حلالا للمولى الثاني بملكه إيّاها ؛ فكان قول على ـ رضي الله عنه ـ أشبه بظاهر الآية ؛ لأنه تأول الآية على متزوجة تحل بالملك لمولاها في حال الملك من قول عبد الله ؛ إذ جعلها محرمة وإن كانت مملوكة حتى تمضي (٣) عدتها.
وفي ذلك وجه آخر : وهو أن الله ـ تعالى ـ قال : (وَالْمُحْصَناتُ مِنَ النِّساءِ إِلَّا ما مَلَكَتْ أَيْمانُكُمْ) وعند الله يحرمها على البائع ويحلها للمشترى ، ولم يخص الله ـ تعالى ـ أحدا من المالكين.
[وروي عن](٤) علي بن أبي طالب ـ رضي الله عنه ـ حمل الآية على امرأة كافرة متزوجة سبيت ، فأحلها الله ـ تعالى ـ : هي لمالكها ، فلم تعرف من حال المملوكة ، هذا مع موافقة الحديث الذي رواه أبو سعيد الخدري ، رضي الله عنه.
وظاهر الآية يدل على أن المأسورة ذات الزوج لا عدة عليها ، وهو قوله ـ تعالى : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذا جاءَكُمُ الْمُؤْمِناتُ مُهاجِراتٍ ...) إلى قوله : (وَلا جُناحَ عَلَيْكُمْ أَنْ تَنْكِحُوهُنَّ إِذا آتَيْتُمُوهُنَّ أُجُورَهُنَ) [الممتحنة : ١٠] فأمر ألا يردهن إليهم وينكحهن ، فلما جاز أن يتزوج الحرة إذا خرجت مسلمة ولا عدة عليها ، حلت إذا سبيت فملكت قبل أن تعتد.
والثاني : إنها كانت حرة ، فأبطل السبي حكم الحرية والزوجية ، فكذلك يبطل حكم العدة.
هذا كله إذا سبيت ولم يكن معها زوجها ، فأمّا إذا سبيت وزوجها معها ، فإن الفرقة لا
__________________
(١) في ب : ولما.
(٢) في ب : فهاذان.
(٣) في الأصول : تبقى.
(٤) بدل ما بين المعقوفين في ب : وعن.