تقع بينهما ؛ لأنها لو بانت من زوجها بانت للرق ، والرق لا يمنع ابتداء النكاح كيف يعمل في فسخ نكاح ثابت؟ ولكن اختلاف الدارين هو الموقع فيما بينهما الفرقة ؛ لفوت الاجتماع بينهما ، وإذا فات الاجتماع بين الزوجين والإياس عن الانتفاع وقعت الفرقة فيما بينهما ، وهذا يبطل قول من يقول : إنه تقع الفرقة فيما بينهما للرق.
والثالث : أنّ العدّة حق من حقوق الزوج ؛ يبين ذلك قول الله ـ سبحانه وتعالى ـ : (فَما لَكُمْ عَلَيْهِنَّ مِنْ عِدَّةٍ تَعْتَدُّونَها) [الأحزاب : ٤٩] فلا يجوز أن يبقى للحربي على المسلمة الخارجة إلى دار الإسلام حق ، فإذا لم تكن عليها العدة لها أن تتزوج ، وسبيل الأمة المسبية مسألة الحرة المسلمة ؛ لأن حكم الإسلام قد جرى عليها ؛ فحلت للمولى وإن كان لها في دار الحرب زوج.
ومن الدليل ـ أيضا ـ على أن المسبية ذات الزوج يحل تزوجها ووطؤها لمولاها : أن رسول الله صلىاللهعليهوسلم تزوج صفية بنت حيى بن أخطب (١) في رجوعه من خيبر قبل أن يصل إلى المدينة (٢) ، ومعلوم أنه كان لها زوج كبير ، وأن عدّتها منه لو كانت واجبة لم تنقض في تلك المدة ؛ فهذا يبين ألا عدة على مسبية من زوجها المقيم في دار الحرب ، ولا على مسلمة إذا خرجت من دار الحرب ، وأقام زوجها هنالك.
وقوله ـ عزوجل ـ : (وَالْمُحْصَناتُ مِنَ النِّساءِ ...) الآية.
قيل فيه بأوجه ثلاثة :
أحدها : في المسبية ذات الأزواج ، وكذلك روي عن على وأبي سعيد الخدري ـ رضي الله عنهما ـ فيكون فيه أمران :
أحدهما : الحرمة على الأزواج.
والثاني : ارتفاع العدة ؛ إذ هما حقان للحربي ، وحقه في نفسه لا يمنع الاسترقاق ، ولو كانت حرّة الاستمتاع فمثله في زوجته ، لكن يدخل على هذا سبي الزوج معها أن الرق قد ثبت فيهما ولم يبطل النكاح ؛ فيجاب لهذا بوجهين :
أحدهما : الاستحسان من حيث يلزم المولى حق الإنكاح بقوله : (وَأَنْكِحُوا الْأَيامى مِنْكُمْ وَالصَّالِحِينَ ...) الآية [النور : ٣٢] ، فلم يبطل عليه التجديد ، وليس هذا في سبي الزوجة ؛
__________________
(١) هي أم المؤمنين صفية بنت حيى بن أخطب ، من بني النضير ، تزوجها النبي صلىاللهعليهوسلم وجعل صداقها عتقها ، بعد أن سبيت في خيبر ، روت أحاديث عن النبي صلىاللهعليهوسلم. ماتت سنة ٣٦ ه.
ينظر : الإصابة ترجمة (١١١٤٠٧) ، أسد الغابة : ترجمة (٧٠٦٣).
(٢) أخرج البخاري (٢ / ٣١ ـ ٣٢) (٣٧١) في الصلاة : باب ما يذكر في الفخذ ، ومسلم ٢ / ١٠٤٣ ـ ١٠٤٤ في النكاح : باب فضيلة إعتاقه أمته ثم يتزوجها (١٣٦٥).