فلا تعفف لها به ، وهو في دار الحرب.
والثاني : أن يكون الزوج وحق الرق إنما يجب إذا أخرج المرء من يد نفسه ، والمملوك قد يكون له يد في النكاح ، فكأنها لم تخرج من يده إذا سبي معها ، وإذا لم يسبيا لا يكون لمن في دار الحرب يد في دار الإسلام.
وفي حق الآية عبارة أخرى : أنها إذا سبيت دونه انقطعت عنها عصمة الزوج ، وقد جعل الله ـ تعالى ـ انقطاع عصمته بسبب حل غيره ؛ لقوله ـ تعالى ـ : (إِذا جاءَكُمُ الْمُؤْمِناتُ ...) إلى قوله : (وَلا جُناحَ عَلَيْكُمْ أَنْ تَنْكِحُوهُنَ) [الممتحنة : ١٠] وقد جعل ذلك في الزوج سببا لقطع عصمته بقوله ـ تعالى ـ : (وَلا تُمْسِكُوا بِعِصَمِ الْكَوافِرِ) [الممتحنة : ١٠] وعصمة الزوجين عصمة مشتركة ، أيهما خرج مسلما خرج لئلا يعود ، وكذلك المختلف يختلف لئلا يخرج ؛ فبطلت العصمة بينهما ، وأحل التناكح ، ولو خرجا معا لا ، فمثله أمر السبي.
وتأويل آخر : أن يكون قوله ـ تعالى ـ : (وَالْمُحْصَناتُ مِنَ النِّساءِ ...) الآية إلى قوله : (فَانْكِحُوا ما طابَ لَكُمْ مِنَ النِّساءِ ...) الآية ، على ألا يحل وراء الأربع إلا ملك يمين ، وعلى هذا في غير ذات الأزواج ، وقد روي مثله عن ابن عباس ـ رضي الله عنه ـ ويكون في ذلك بيان ما كانت حرمته من حيث العدد ، ويختص في النكاح ، فإن كان النكاح وملك اليمين فيما كانت الحرمة من حيث المنكوحة يستوي من حيث كانت حرمة العدد بحيث العقد بما فيه من الحقوق التي لا يقوم لها إلا بشر قد عصم ، وملك اليمين لا يجب فيه ذلك ، وما كانت الحرمة بحيث نفس المرأة تستوى لاستواء الملكين في حق الحل والحرمة.
ووجه آخر : قيل : المحصنات : هن الحرائر (١) ، وما ملكت أيمانكم بالنكاح ، فذهب (٢) من يقول بهذا إلى ما لو لم يذكر «أيمان» ، ولكن قال : «المحصنات من النساء إلّا ما ملكتم» ؛ فيكون التحريم في غير النكاح ، لكنه بعيد على المعهود من الكلام أنه لا يتكلم به إلا في ملك اليمين خاصّة ، ويجوز جعل الأمرين من الإماء على خطر وطء الزانيات على الموالى ، واختيار المتعففات منهن لمكان الأولاد.
__________________
(١) أخرجه ابن جرير (٨ / ١٦٣) (٩٠١٠) عن عزرة بن عبد الرحمن الخزاعي ، و (٩٠١١) عن الزهري.
وذكره السيوطي (٢ / ٢٤٧ ـ ٢٤٨) وزاد نسبته لابن أبي شيبة في المصنف وابن المنذر عن أنس ابن مالك.
(٢) في ب : فمذهب.