في آخرها ما وراء ذلك ، وبين ـ أيضا ـ أن الاستمتاع هنا النكاح ، وأن الأجر هو المهر ؛ لما ذكرنا.
وروى عن ابن عباس ـ رضي الله عنه ـ قال : رحم الله عمر ، ما كانت المتعة إلا رحمة رحم الله بها أمة محمد ؛ فلو لا نهيه عنها إيانا ما زنى إلا شقى (١) ، وكان يراها حراما حلالا.
قال : [وكان يقول](٢) في حرف أبي : «إلى أجل مسمى».
وروي عنه أنه قال : إن الناس هذا قد أكثروا في المتعة ، فقال : إنها لا تحل إلا لمن اضطر إليها ؛ كالميتة ، والدم ، ولحم الخنزير (٣) ؛ فدل قوله : إنها بمنزلة الميتة على أنه رجع عن قوله الأول ؛ فإن كانت المتعة في حال غير الضرورة حراما فهي في حال الضرورة حرام ، وإنما أحل الله المحرم في الضرورة إذا خاف الرجل على تلف نفسه ، وليس في ترك الوطء خوف تلف نفسه.
وروي (٤) عن ابن عباس ـ رضي الله عنه ـ في قوله ـ تعالى ـ : (فَمَا اسْتَمْتَعْتُمْ بِهِ مِنْهُنَ) قال : نسخها : (يا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِذا طَلَّقْتُمُ النِّساءَ ...) الآية (٥) [الطلاق : ١].
هذا يدل على أنه رجع عن قوله الأول.
و [من](٦) الدليل على تحريمها قول الله ـ سبحانه وتعالى ـ : (وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حافِظُونَ. إِلَّا عَلى أَزْواجِهِمْ أَوْ ما مَلَكَتْ أَيْمانُهُمْ) [المؤمنون : ٥ ـ ٦] فحرم الله ـ تعالى ـ من الجماع ما عدا النكاح وملك اليمين ، والمتعة ليست بملك نكاح ، ولا ملك يمين ؛ فهي
__________________
ـ حرمت بعد ذلك إلى يوم القيامة ؛ فتكون المتعة مما تناولها التحريم والإباحة مرتين. ينظر : المبسوط (٥ / ١٥٢) ، البحر الرائق (٣ / ٨٥) ، التاج والإكليل (٥ / ٤١١) ، أسنى المطالب (٣ / ٢١٩) ، كشاف القناع (٥ / ٩٦) ، المحلى لابن حزم (٩ / ١٢٧).
(١) أخرجه ابن جرير (٨ / ١٧٨) (٩٠٤٢) عن علي بن أبي طالب ، وعبد الرزاق في مصنفه (٧ / ٤٩٦) في باب المتعة ، عن ابن عباس ، وذكره السيوطي في الدر (٢ / ٢٥٢) وزاد نسبته لابن المنذر عن ابن عباس ، ولعبد الرزاق وأبي داود في ناسخه عن الحكم عن علي بن أبي طالب.
(٢) بدل ما بين المعقوفين في ب : وقال.
(٣) أخرجه مسلم (٢ / ١٠٢٦ ـ ١٠٢٧) في النكاح : باب نكاح المتعة (١٤٠٤) ، وعبد الرزاق في مصنفه (٧ / ٥٠٢) في باب المتعة ، وذكره السيوطي في الدر (٢ / ٢٥٢) وعزاه لابن المنذر والطبراني والبيهقي في السنن ، عن ابن عباس.
(٤) في ب : روى.
(٥) ذكره السيوطي في الدر (٢ / ٢٥١) وعزاه لأبي داود في ناسخه وابن المنذر والنحاس من طريق عطاء عن ابن عباس ، رضي الله عنهما.
(٦) سقط من ب.