على بعض النفقة ؛ لما يقومون بالمكاسب ؛ فإذا صار زمنا (١) وعجز (٢) عن المكاسب جعل نفقته على محارمه ؛ لأنه صار في الخلقة كالمرأة ، والله أعلم.
وعن ابن عباس ـ رضي الله عنه ـ في قوله : (الرِّجالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّساءِ بِما فَضَّلَ اللهُ بَعْضَهُمْ عَلى بَعْضٍ) قال : أمراء عليهن أن تطيعه فيما أمر الله به من طاعته ، وطاعته أن تكون محسنة إلى أهلها ، حافظة لماله ، وفضله عليها بنفقته وسعته.
وقيل : نزلت الآية في رجل لطم امرأته لطمة في وجهها ؛ فنشزت عن فراش زوجها ، واستعدت (٣) إلى رسول الله صلىاللهعليهوسلم فقالت : يا رسول الله ، لطمني زوجي فلان لطمة ، وهذا أثر يده في وجهي ؛ فقال لها رسول الله صلىاللهعليهوسلم : «اقتصّي منه» (٤) ، وكان القصاص بينهم يومئذ بين الرجال والنساء في اللطمة والشجة والضربة ، ثم أبصر النبي صلىاللهعليهوسلم جبريل ـ عليهالسلام ـ ينزل ؛ فقال لها : «كفّي حتّى انظر ما جاء به جبريل فى أمرك» ، فأتاه بهذه الآية : (الرِّجالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّساءِ بِما فَضَّلَ اللهُ بَعْضَهُمْ عَلى بَعْضٍ) أي : المسلّطون على آداب النساء في الحق.
وقيل : تفضيلهم عليهن بالعقل والميراث ، وفي الفيء ، والله أعلم.
ثم قال [رسول الله](٥) صلىاللهعليهوسلم : «أردنا أمرا وأراد الله أمرا ، والّذي أراد الله خير ممّا أردنا» (٦).
و [قيل في قوله ـ تعالى ـ : (وَبِما أَنْفَقُوا مِنْ أَمْوالِهِمْ)(٧) : بما ساقوا من المهر
__________________
(١) الزمن : وصف من الزمانة ، والزمانة : مرض يدوم. المعجم الوسيط (١ / ٤٠٢) (زمن).
(٢) في ب : ويعجز.
(٣) في ب : واستبدت.
(٤) أخرجه ابن جرير (٨ / ٢٩١ ـ ٢٩٢) مرسلا عن :
الحسن البصري برقم (٩٣٠٤ ، ٩٣٠٧) ، وعن قتادة السدوسي برقم (٩٣٠٥ ، ٩٣٠٦) ، وعن ابن جريج (٩٣٠٨) ، وعن السدي (٩٣٠٩).
وذكره السيوطي في الدر (٢ / ٢٧٠ ـ ٢٧١) وزاد نسبته لابن أبي حاتم وعبد بن حميد والفريابي وابن المنذر وابن مردويه ، عن الحسن مرسلا ، وعزاه لابن جرير عن ابن جريج والسدي مرسلا أيضا. ولابن مردويه عن علي بن أبي طالب.
(٥) في ب : النبي.
(٦) تقدم.
(٧) قال القرطبي (٥ / ١١٤) : قال ابن المنذر : اتفق أهل العلم على وجوب نفقات الزوجات على أزواجهن إذا كانوا جميعا بالغين إلا الناشز منهن الممتنعة ، وقال أبو عمر : من نشزت عنه امرأته بعد دخوله سقطت عنه نفقتها إلا أن تكون حاملا ، وخالف ابن القاسم جماعة الفقهاء في نفقة الناشز فأوجبها ، وإذا عادت الناشز إلى زوجها وجب في المستقبل نفقتها ، ولا تسقط نفقة المرأة عن زوجها لشيء غير النشوز ؛ لا من مرض ، ولا حيض ، ولا نفاس ، ولا صوم ، ولا حج ، ولا مغيب زوجها ، ولا حبسه عنها في حق أو جور غير ما ذكرنا ، والله أعلم.