الله عليه وسلم ـ كان إذا أراق ماء نكلمه فلا يكلمنا ، ونسلم عليه فلا يرد علينا حتى يأتي أهله فيتوضأ وضوءه للصلاة ؛ فقلنا له في ذلك ؛ حتى نزلت آية الرخصة [في قوله تعالى](١) : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلاةِ) ؛ فهذا يدل أن معنى الآية على الإضمار : إذا قمتم إلى الصلاة (٢) وأنتم محدثون ، فاغسلوا وجوهكم وأيديكم.
وروي في تأويل الآية : إذا قمتم من المضجع إلى الصلاة ، فاغسلوا وجوهكم (٣). وقد رويت الأخبار عن رسول الله صلىاللهعليهوسلم وعن الصحابة بإيجاب الوضوء من النوم ؛ فكان ذلك شاهدا لهذا التأويل : روي عن ابن عباس عن رسول الله ـ صلىاللهعليهوسلم ـ أنه كان ينام ، ثم يصلي الصبح ولا يتوضأ ؛ فسئل عن ذلك؟ فقال : «إنّي لست كأحد منكم ؛ إنّه ينام عيناي ولا ينام قلبي ، ولو أحدثت لعلمت» (٤).
وروي عن صفوان بن عسال قال : إذا كنا مع النبي صلىاللهعليهوسلم في سفر يأمرنا ألا ننزع خفافنا إذا أدخلناهما طاهرتين ، ولا نخلعهما من غائط ولا بول ولا نوم ، إلا من جنابة».
فهذه الأحاديث توجب الوضوء من النوم مجملا ، وجاء حديث آخر مفسرا بإيجاب الوضوء إذا نام مضطجعا : روي عن ابن عباس ـ رضي الله عنه ـ أن النبي ـ صلىاللهعليهوسلم ـ قال : «ليس على من نام قاعدا وضوء حتّى يضطجع ، فإذا اضطجع استرخت مفاصله» (٥).
__________________
(١) سقط من ب.
(٢) أخرجه الطبري (٤ / ٤٥٥) ، (١١٣٤٢) ، والطبراني في الكبير (١٨ / ٦) رقم (٣) من حديث علقمة بن الفغواء ، به. وفيه جابر الجعفي : وهو ضعيف ، قاله الهيثمي في المجمع (١ / ٢٧٦) ، وزاد السيوطي نسبته إلى ابن أبي حاتم في الدر المنثور (٢ / ٤٦٣) ، وقال : سنده ضعيف.
(٣) قاله زيد بن أسلم ، أخرجه عنه مالك في الموطأ (١ / ٢١) ، ومن طريقه : الطبري (٤ / ٤٥٢) ، رقم (١١٣٢٣) ، والشافعي وعبد بن حميد وابن المنذر والنحاس كما في الدر المنثور (٢ / ٤٦٣).
وكذلك قاله السدي أيضا ، أخرجه عنه الطبري (١١٣٢٤).
(٤) لم أجده بهذا اللفظ ، ولكن أخرجه أحمد (١ / ٢٧٤) ، والطبراني في الكبير (١٢ / رقم ١٢٤٢٩) ، وأبو نعيم في الحلية (٤ / ٣٠٤ ـ ٣٠٥) من طريق بكير بن شهاب عن سعيد بن جبير عن ابن عباس قال : أقبلت يهود إلى النبي صلىاللهعليهوسلم فقالوا : يا أبا القاسم ، نسألك عن أشياء إن أجبتنا فيها اتبعناك وصدقناك وآمنا بك ، قال : فأخذ عليهم أخذ إسرائيل من نفسه ؛ قالوا : الله على ما نقول وكيل. قالوا : أخبرنا عن علامة النبي؟ قال : «تنام عيناه ولا ينام قلبه ...» الحديث. وأخرج الشيخان حديثا عن أبي سلمة بن عبد الرحمن ، أنه سأل عائشة : كيف كانت صلاة رسول الله صلىاللهعليهوسلم في رمضان؟ قالت : «ما كان رسول الله صلىاللهعليهوسلم يزيد في رمضان ولا في غيره على إحدى عشرة ركعة : يصلي أربعا فلا تسأل عن حسنهن وطولهن ، ثم يصلي أربعا فلا تسأل عن حسنهن وطولهن ، ثم يصلي ثلاثا. فقالت عائشة : فقلت : يا رسول الله ، أتنام قبل أن توتر؟ فقال : «يا عائشة ، إن عيني تنامان ولا ينام قلبي». أخرجه البخاري (١١٤٧ ، ٢٠١٣) ، ومسلم (١٢٥ ـ ٧٣٨).
(٥) أخرجه أبو داود (١ / ٥٢) كتاب الطهارة : باب الوضوء من النوم (٢٠٢) وقال : هو حديث منكر ، ـ