عنهما ـ : «الملامسة : ما دون الجماع» (١) ، وقالا : «إن الجنب لا يتيمم ، وإن لم يجد الماء شهرا» (٢). وإنما قالا : «إنه لا يتيمم» ؛ لما قالا : «إن اللمس ما دون الجماع» ؛ فلم يدخل الجنب في هذه الآية ، فأوجبوا (٣) عليه الغسل بقوله ـ تعالى ـ : (وَإِنْ كُنْتُمْ جُنُباً فَاطَّهَّرُوا) ، وجعلا قول الله ـ تعالى ـ : (وَلا جُنُباً إِلَّا عابِرِي سَبِيلٍ حَتَّى تَغْتَسِلُوا) [النساء : ٤٣] على مرور الجنب في المسجد ، ولم يجعله على أنه يصلي إذا كان مسافرا ولم يجد (٤) الماء بالتيمم ، فهذا الذي منع عبد الله أن يطلق للجنب أن يصلي بالتيمم على [كل] حال.
فأما علي وابن عباس ـ رضي الله عنهما ـ فإنهما جعلا اللمس الذي ذكره الله ـ تعالى ـ في هذه الآية الجماع (٥) ، وقالا : «كنى الله ـ تعالى ـ عن الجماع بالمسيس والغشيان والمباشرة» ، وجعل قول الله ـ تعالى ـ : (إِلَّا عابِرِي سَبِيلٍ حَتَّى تَغْتَسِلُوا) في المسافر الذي لم يجد الماء وهو جنب.
وقد روي عن رسول الله صلىاللهعليهوسلم : أنه أذن للجنب من الجماع أن يتيمم : إذا لم يجد
__________________
(١) أخرجه عبد الرزاق في المصنف (١ / ١٣٣) ، رقم (٥٠٠) ، سعيد بن منصور (٤ / ١٢٥٧) ، رقم (٦٣٨) ، وابن أبي شيبة في المصنف (١ / ٤٩) ، رقم (٤٩٢) ، والطبري (٨ / ٣٩٣) ، رقم (٩٦٠٦) وما بعده ، وابن المنذر في الأوسط (١ / ١١٨) ، والطبراني (٩ / ٢٨٥) بأرقام (٩٢٢٧ ـ ٩٢٢٩) ، والحاكم (١ / ١٣٥) ، والبيهقي (١ / ١٢٤) ، ومسدد وعبد بن حميد وابن أبي حاتم كما في الدر المنثور (٢ / ٢٩٧) ، من طرق عن عبد الله بن مسعود في قوله : (أَوْ لامَسْتُمُ النِّساءَ) ـ قال : اللمس : ما دون الجماع ، والقبلة منه ، وفيه الوضوء. أما أثر عمر فأخرجه الحاكم (١ / ١٣٥) ، والبيهقي (١ / ١٢٤) عنه قال : إن القبلة من اللمس فتوضئوا منها».
(٢) أخرج البخاري (١ / ٥٨٨) كتاب التيمم : باب المتيمّم هل ينفخ فيهما؟ (٣٣٨) ، ومسلم (٢ / ٢٩٤ ـ شرح النووى) كتاب الحيض : باب التيمم (١١٢ ـ ٣٦٨) عن سعيد بن عبد الرحمن بن أبزى عن أبيه أن رجلا أتى عمر فقال : إني أجنبت فلم أجد ماء؟ فقال : لا تصلّ ؛ فقال عمّار : أما تذكر ـ يا أمير المؤمنين ـ إذ أنا وأنت في سرية ، فأجنبنا ، فلم نجد ماء : فأما أنت فلم تصلّ ، وأمّا أنا فتمعكت في التراب وصليت ، فقال النبي صلىاللهعليهوسلم «إنما كان يكفيك أن تضرب بيديك الأرض ، ثم تنفخ ، ثم تمسح بهما وجهك وكفيك». فقال عمر : اتق الله يا عمار ، قال : إن شئت لم أحدّث به. وأخرج البخاري (١ / ٦٠٥) كتاب التيمم : باب التيمم ضربة (٣٤٧) ، ومسلم في الموضع السابق (١١٠ ـ ٣٦٨) عن الأعمش عن شقيق قال : كنت جالسا مع عبد الله وأبي موسى الأشعري ، فقال أبو موسى : يا أبا عبد الرحمن ، أرأيت لو أن رجلا أجنب فلم يجد الماء شهرا : كيف يصنع بالصلاة؟ فقال عبد الله : لا يتيمم وإن لم يجد الماء شهرا ...) الحديث. قال القرطبي في تفسيره (٦ / ٦٩) ، وقد صح عن عمر وابن مسعود أنهما رجعا إلى ما عليه الناس ، وأن الجنب يتيمم.
(٣) في الأصول : وأوجبوا.
(٤) في أ : يريد.
(٥) في ب : جماعا.