ثم بيان المضارة في الوصية ما روي عن رسول الله صلىاللهعليهوسلم قال : «الثّلث ، والثّلث كثير» وقوله : «إنّك إن تدع ورثتك أغنياء خير من أن تدعهم عالة يتكفّفون» (١) ، وما روي عن أبي هريرة ـ رضي الله عنه ـ قال : قال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : «إنّ الرّجل ليعمل عمل الخير ستّين سنة ، فإذا أوصى خان فى وصيّته ، فيختم له بشرّ عمله ؛ فيدخل النّار ، وإنّ الرّجل ليعمل عمل أهل الشّرّ ستّين سنة ، فيعدل فى وصيّته ، فيختم له بخير عمله فيدخل الجنّة» (٢) ثم يقول أبو هريرة ـ رضي الله عنه ـ : اقرءوا إن شئتم : (تِلْكَ حُدُودُ اللهِ وَمَنْ يُطِعِ اللهَ وَرَسُولَهُ ...) إلى قوله : (عَذابٌ مُهِينٌ)
وما روي : «الثّلث حيف».
وما روي عن ابن عباس ـ رضي الله عنه ـ قال : الإضرار في الوصية من الكبائر ، ثم قرأ (تِلْكَ حُدُودُ اللهِ ...) إلى آخره ، قال : في الوصية (٣).
وقوله ـ عزوجل ـ : (فَمَنْ خافَ مِنْ مُوصٍ جَنَفاً أَوْ إِثْماً فَأَصْلَحَ بَيْنَهُمْ فَلا إِثْمَ عَلَيْهِ) [البقرة : ١٨٢]
ثم الإضرار قد يكون ـ أيضا ـ إذا أوصى لوارث ولم يوص للباقين ؛ لأنه أضر به بالوصية لبعض ورثته الباقين ؛ فلا فرق بين أن يضر بعض الورثة وبين أن يضر الورثة كلهم ؛ ففيه دليل بطلان الوصية لبعض الورثة دون بعض.
ثم الإضرار قد يكون بالدّين على ما يكون بالوصية ؛ لأنه إذا أقر المريض لبعض الورثة بدين ، فإن إقراره لا يجوز كما لا تجوز وصيته ، والإقرار بالدين أحق ألا يجوز من
__________________
(١) أخرجه البخاري (١٠ / ٦٢٣ ـ ٦٢٤) النفقات : باب فضل النفقة على الأهل وقول الله ـ تعالى ـ : (يَسْئَلُونَكَ ما ذا يُنْفِقُونَ ...) الآية [البقرة : ٢١٥] (٥٣٥٤).
ومسلم (٣ / ١٢٥٠ ـ ١٢٥١) كتاب الوصية : باب الوصية بالثلث (١٦٢٨).
وأحمد في المسند (١ / ١٧٩) ، والترمذي (٣ / ٦١٧) في الوصايا : باب ما جاء في الوصية بالثلث ، (٢١١٦) وقال : حسن صحيح ، والنسائي (٦ / ٢٤١ ـ ٢٤٢) في الوصايا : باب الوصية بالثلث ، والطحاوي في شرح معاني الآثار (٤ / ٩٧٩).
(٢) أخرجه ابن ماجه (٤ / ٢٧٠ ، ٢٧١) كتاب الوصايا : باب الحيف في الوصية (٢٧٠٤) ، والترمذي (٣ / ٦١٩) الوصايا : باب ما جاء في الوصية بالثلث (٢١١٧) ، وأبو داود (٢ / ١٢٦) الوصايا : باب كراهية الإضرار في الوصية (٢٨٦٧).
وينظر : ضعيف ابن ماجه للألبانى (٥٩١).
(٣) أخرجه ابن جرير ٨ / ٦٥ (٨٧٨٣) ـ (٨٧٨٧) عن ابن عباس من قوله ، وأخرجه برقم (٨٧٨٨) عن ابن عباس مرفوعا ، وذكره السيوطي في الدر (٢ / ٢٢٧) وزاد نسبته لعبد بن حميد وابن أبي شيبة في المصنف وابن المنذر وابن أبي حاتم والبيهقي عن ابن عباس ـ رضي الله عنهما ـ موقوفا ، وعزاه لابن جرير وابن أبي حاتم والبيهقي عن ابن عباس مرفوعا.