والكراهة الموجبتان للانشاء بعثا وتحريكا ، أو زجرا ومنعا ، فالأوّل : في الواجبات والمستحبّات. والثاني : في المحرّمات والمكروهات.
بخلاف الحكم الطريقي الذي ليست المصلحة ، أو المفسدة في متعلّقه بل انّما كانت المصلحة في نفس انشاء الأمر بالحكم الطريقي في حال كونه طريقيّا ، والحكم الآخر واقعي حقيقي ناشئ عن مصلحة ، أو مفسدة في متعلّقه الموجبتان لإرادته وكراهته ولانشائه بعثا ، أو زجرا في بعض المبادئ العالية أي في نفس النبي أو في نفس الولي عليهماالسلام ، وان لم يكن في المبدأ الأعلى إلّا العلم بالمصلحة ، أو المفسدة كما سبق هذا.
فهذا الفرق تام بالإضافة إلى من انقدح الارادة والكراهة في نفسه بعد الوحي بمصلحة الشيء ، أو بمفسدته ، أو بعد الالهام إلى الولي عليهالسلام بكل واحد منهما والوحي للأنبياء عليهمالسلام والالهام للأولياء عليهمالسلام والوحي عبارة عن تبليغ الأحكام ، أو الوقائع والحوادث ، أو غيرها بتوسّط الملك من الملائكة ، وذلك كجبرئيل عليهالسلام ، والالهام عبارة عن القاء الخير في قلب الغير لغة. والمراد منه هنا القاء الأحكام ونحوها في قلب الولي عليهالسلام.
وعليه : فلا يلزم اجتماع إرادة وكراهة في الشيء الواحد أيضا كما لا يلزم اجتماعهما فيه في الجواب الأوّل ، إذ ليس مؤدّى الامارة متعلّق إرادة المولى في صورة الاصابة ، ولا كراهته في صورة الخطأ بل انّما يلزم انشاء حكم واقعي حقيقي بعثا إذا كان وجوبيّا ، أو زجرا إذا كان تحريميا ، ولكن انشاء حكم آخر طريقي فقط.
والحال لا مضادة بين الإنشاءين أصلا فيما اختلفا وليس الإنشاءان من قبيل اجتماع المثلين فيما اتفقا.
وفي طبيعة الحال : فالوجوبان الحقيقيان مثلان كالوجوبين الصوريين : والوجوب والحرمة الحقيقيان ضدّان كالوجوب والحرمة الصوريين.