يحتمل أصلا أن يكون غير الظن القوي حجّة بلا نصب قرينة على حجيته وبلا قيام الدليل عليها ولكن يحتمل أن يكون الظن القوي حجة دون غير الظن القوي من الظنون الأخر لأجل الشيء الذي هو ثابت في الظن القوي من أقربيته إلى الواقع لكونه أقرب إلى العلم بالمعنى الأخص من غيره ولكن العلم أقرب إلى الواقع من غيره من الظن والشك والوهم فبعد العلم يكون الظن القوي أقرب إلى الواقع.
وبالجملة : فيدور الأمر بين حجية كل الظنون ، وبين حجية الظن المظنون الاعتبار بملاحظة دليل الانسداد وبلحاظ تماميتها وتسلمها لكونه ذا مزية لأجل قيام الظن على اعتباره فبلحاظ دليل الانسداد يكون الظن القوي الذي حصل لنا الظن باعتباره بسبب دليل الانسداد حجة قطعا سواء كان غيره من الظنون حجّة أم لم يكن غيره حجّة فيكون الظن القوي مقطوع الاعتبار فقط.
قوله : ومن هنا ظهر حال القوة ولعلّ نظر من رجّح بها ...
فإذا كان بعض الظنون أقوى من بعض ، وذلك كالظن الحاصل من الخبر الصحيح الاعلائي بالاضافة إلى الظن الحاصل من الخبر الثقة ، وكالظن الحاصل من الخبر الثقة بالاضافة إلى الظن الحاصل من الخبر الحسن وو ، فيمكن الترجيح بهذه القوة بحيث يكون الأقوى حجة قطعا لأن القوة مما يصح الاعتماد عليها في تعيين الطريق إلى الأحكام.
وقوله ولعل نظر من رجّح بها إلى هذا الفرض وكان منع شيخنا العلامة قدسسره إشارة إلى ما وقع بينه ـ أي بين الشيخ الأنصاري قدسسره ـ وبين المحقق التقي صاحب الحاشية رحمهالله وبين الفاضل النراقي صاحب المستند قدسسره من الخلاف في جواز الترجيح بالظن بالاعتبار بناء على الكشف فمنعه شيخنا الأنصاري قدسسره لأنه بعد ما لم يكن الظن حجّة فلا دليل بموجود على جواز ترجيح الظن القوي على الظن الضعيف بسبب الظن باعتبار الظن القوي لأن الظن سواء كان قويا أم كان ضعيفا