حقا ، فيوشك أن يملك موضع قدميّ هاتين ، فو الله لو أرجو أن أخلص إليه لتجشّمت لقية ولو كنت عنده غسلت عن قدميه ، قال أبو سفيان : ثمّ دعا بكتاب رسول الله صلىاللهعليهوسلم فأمر به ، فقرئ فإذا فيه بسم الله الرّحمن الرّحيم / ، من محمّد بن عبد الله رسوله إلى هرقل عظيم الرّوم ، سلام على من اتّبع الهدى ، أما بعد فإنّي أدعوك بدعاية الإسلام ؛ أسلم تسلم ، وأسلم يؤتك الله أجرك مرّتين ، وإن تولّيت فإنّ عليك إثم الأريسيين و (يا أَهْلَ الْكِتابِ تَعالَوْا إِلى كَلِمَةٍ سَواءٍ بَيْنَنا وَبَيْنَكُمْ أَلَّا نَعْبُدَ إِلَّا اللهَ وَلا نُشْرِكَ بِهِ شَيْئاً وَلا يَتَّخِذَ بَعْضُنا بَعْضاً أَرْباباً مِنْ دُونِ اللهِ فَإِنْ تَوَلَّوْا فَقُولُوا اشْهَدُوا بِأَنَّا مُسْلِمُونَ) قال أبو سفيان : فلما قضى مقالته علت أصوات الرّوم حوله من عظماء الرّوم وكثر لغطهم فلا أدري ما ذا قالوا ، وأمر بنا فأخرجنا ، قال أبو سفيان : فلمّا خرجت مع أصحابي وخلصت بهم قلت : لقد أمر [أمر](١) ابن أبي كبشة ؛ هذا ملك بني الأصفر يخافه ، قال أبو سفيان : فو الله ما زلت ذليلا (٢) مستيقنا بأنّ أمره سيظهر حتّى أدخل الله قلبي الإسلام وأنا كاره.
__________________
(١) زيادة من البخاري.
(٢) في الأصل قليلا.
__________________
ـ قوله أخلص إليه : أي أصل إليه.
قوله لتجشمت لقيه أي تكلّفت الوصول إليه ، وهذا يدل على أنه كان يتحقق أنه لا يسلم من القتل إن هاجر إلى النبي صلّى اللّه عليه وسلّم.
قوله الأريسيين : جمع أريسي ، والأريس هو الأكار : أي الفلاح ، وقد تقلب الهمزة ياء (اليريسيين). ـ